شيخ الأسرار الباطنية
19-03-2012, 10:02
حكمة تفاو ت الناس في العقل .. (http://www.falake.com/showthread.php?t=3947)
اختلف الناس فيه و الحق أن التفاوت يتطرق إلى القسم الأول و الثالث و الرابع ..
أما الثاني فهو العلم بوجوب الضروريات و جواز الجائزات و استحالة المستحيلات و هو غير قابل للتفاوت ..
القســـــم الأول ..
و هو الغريزة .. فالتفاوت فيه لا سبيل إلى جحده .. فإنه مثل نور يشرق على النفس و مبادئ اشراقه عند سن التمييز
ثم لا يزال ينمو إلى تمام الأربعين ..
و قد شاهدنا في ذلك مختلفين في فهم العلوم و انقسامهم إلى ذكي و بليد و مغفل و يقظ .
و قد روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في حديث طويل آخره : " قال الله تعالى : إني خلقت العقل من أصناف شتى كعدد الرمل .. فمن الناس من أعطي حبة و منهم
من أعطي حبتين و منهم الثلاث و الأربع و مهم من أعطي فرقا و منهم من أعطي وسقاو منهم من أعطي أكثر من ذلك ".
و من الحكايات الكثيرة عن تفاوت العقل أذكر هنا ما حكي عن بعض الأطباء انه دخل على مريض فجس نبضه و شاهد تفسرته فقال له :
لعلك تناولت شيئا من الفواكه ؟
قال المريض : نعم .
فقال الطبيب : لا ترجع إلى أكلها فإنها تضرك .
ثم دخل عليه اليوم الثاني و رأى النبض و التفسرة فقال : لعلك أكلت لحم الفروج ؟
قال المريض : نعم .
فقال الطبيب : لا ترجع إلى أكله فإنه يضرك .
فتعجب الناس من حذق الطبيب .. و كان للطبيب ابن فقال له : ياأبت
كيف عرفت تناوله للفاكهة و الفروج ؟
قال : يا بني ما عرفت ذلك بالطب وحده بل بالطب و الفراسة .
فقال له كيف عرفت بالفراسة ؟؟
فقال : إني لما دخلت دار المريض رأيت على سطح الدار سقاطات الفواكه ثم رأيت في وجهه انتفاخا و في النبض لينا و في التفسرة غلظا و فجاجة ,
و علمت أن الفاكهة إذا أحضرت عند المريض فإنه لا يصبر عنها فظهر لي ما ظهر من الشواهد أنه تناول الفاكهة
و ما جزمت بها بل قلت : لعلك أكلت ..
و في اليوم الثاني رأيت على باب الدار ريش الفروج و لا حظت في نبضه امتلاءا و في الرسوب غلظة , فعرفت أن الفروج لا يأكله إلا المريض غالبا .. فظهر بهذه الشواهد
و ما جزمت به بل قلت له : لعلك فعلت هذا .
فسمع ابنه هذا الكلام فأحب أن يسلك مسلك أبيه ..
فدخل على مريض و جس نبضه و شاهد تفسرته
فقال له : لعلك أكلت لحم حمار
فقال المريض : حاشا و كلا كيف يؤكل لحم الحمار أيها الطبيب ؟؟؟
فخجل ابن الطبيب و خرج , و انتهى ذلك إلى أبيه فسأله : كيف عرفت أنه أكل لحم الحمار ؟
فقال : لأني رأيت في دارهم برذعة فعلمت أنها لا تكون إلا للحمار ثم قلت في نفسي .. لو كان الحمار حيا لكانت برذعته عليه و إذا لم يكن حيا فإنهم ذبحوه و أكلوه .
فقال أبوه : لو كان شيء من هذه المقدمات صحيحا لرجوت فيك النجابة و الذكاء , و لكن المقدمات كلها فاسدة و طمع النجابة فيك محال .. و نعم من قال :
فلا ينفع مسموع إذا لم يكن مطبوع
و حكي أن أبا حنيفة رضي الله عنه كان جالسا يذكر الدروس , فدخل عليه شخص ذو هيئة فلما بدا قال أبو حنيفة لأصحابه : تثبتوا كيلا يأخذ عليكم هذا الرجل شيئا ..
فلما جلس و أبو حنيفة يذكر أوقات الصلاة , قال أبو حنيفة : أما الصبح فوقته من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس .. فإذا طلعت الشمس زال وقته ..
فقال ذلك الرجل : فإن طلعت الشمس قبل الفجر كيف يكون حكمها ؟؟
فالتفت أبو حنيفة إلى أصحابه و قال : كونوا كما شئتم فإن الأمر عل خلاف ما حسبنا ..
و المقصود هنا أنه لما دخل عليهم الرجل حسبه أبو حنيفة من العقلاء و اغتر في هيئته و منظره المهيب و لذلك نبه أصحابه بقوله : تثيتوا كيلا يأخذ عليكم هذا الرجل شيئا ..
و لكن عندما سأله الرجل السؤال الذي ينم عن قلة عقله و قلة نجابته , علم منه ماعلم فالتفت لأصحابه و قال لهم ماقال .
و حكي أن معاوية بن مروان ضاع له باز فقال : أغلقوا باب المدينة كيلا يخرج ..
أما القســـم الثالث ..
و هو علم التجارب و الرسوم و العادات ..
فتفاوت الناس فيه ظاهر و يدل عليه ما حكي عن أبا النجم عندما دخل على هشام بن عبد الملك و أنشد أرجوزته التي أولها :
الحمــد لله الواهب المجزل
و هي من أجود شعره و كان هشام مصغي له إلى أن أنتهى إلى قوله :
و الشمس في الجو كعين الأحول
فغضب هشام و كان أحول و أمر بصفعه و إخراجه .
و حكي أن بعض الملوك قال لصاحب خيله : قدم الفرس الأبيض ..
فقال له الوزير : لا تقل الفرس الأبيض فإنه عيب يخل بهيبة الملوك و لكن قل الأشهب ..
فلما أحضر السماط قال الملك لصاحب سماطه .. قدم الصحن الأشهب .
فقال له الوزير : قل ما شئت فما في تقويمك حيلة .
و حكي أن عتاب بن ورقاء دخل على عمرو بن هداب و كان قد كف بصره فقال له :
يا سيدي لا يسؤك فقدهما " يقصد هنا عينيه لأنه رآه أعمى " فإنك لو رأيت ثوابهما .. لتمنيت أن الله تعالى يقطع يديك و رجليك و يدق عنقك .
القســـــم الرابع ..
وهو إنتهاء القوة الغريزية إلى حد يعرف به عواقب الأمور و يقمع الشهوة الداعية إلى اللذة العاجلة لأجل سلامة العاقبة .
و لا يخفى اختلاف الناس فيه فإن إقدام الشبان على المعاصي أكثر من إقدام المشايخ و كذلك إقدامالعلماء أقل من إقدام العوام و ذلك لقوة علمهم بضرر المعاصي ..
كما ترى ان الأطباء أقدر على الإحتمال من غيرهم ..
و أحب أن أذكره هنا حكاية جميلة جدا مثلا على ما ذكرت ..
و هي أنه كان هناك بعض الملوك كان يتخذ كل سنة وزيرا فإذا تمت السنة عزله و بعثه إلى جزيرة .. و استوزر غيره
إلى ان اتخذ وزيرا عاقلا , فلما تولى الوزير منصبه الجديد بعث إلى تلك الجزيرة و بنى بها دارا لنفسه و نقل إليها ما كان من الأموال و كل مايلزمه ليعيش هناك ..
فلما تمت السنة لم يعزله الملك بل أقره على حاله ..
فسئل الملك عن ذلك فقال : اعلموا أني كنت محتاجا إلى وير عاقل ينظر في عواقب الامور ..
فما وجدت إلا من يراعي الحال و لا ينظر في العواقب فكرهت أن أعجل عزلهم فصبرت على سوء تدبيرهم سنة , فلما عزلتهم كرهت اختلاطهم بالناس و هم مطلعين على اسرار ملكي فبعثتهم كما تعلمون إلى الجزيرة..
و أما هذا الرجل فوجدته مراعيا للعواقب في جميع أموره , فلست أستبدل به أحدا ما دام هذا تدبيره ..
و الله الموفق للصواب بمنه و كرمه
اختلف الناس فيه و الحق أن التفاوت يتطرق إلى القسم الأول و الثالث و الرابع ..
أما الثاني فهو العلم بوجوب الضروريات و جواز الجائزات و استحالة المستحيلات و هو غير قابل للتفاوت ..
القســـــم الأول ..
و هو الغريزة .. فالتفاوت فيه لا سبيل إلى جحده .. فإنه مثل نور يشرق على النفس و مبادئ اشراقه عند سن التمييز
ثم لا يزال ينمو إلى تمام الأربعين ..
و قد شاهدنا في ذلك مختلفين في فهم العلوم و انقسامهم إلى ذكي و بليد و مغفل و يقظ .
و قد روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في حديث طويل آخره : " قال الله تعالى : إني خلقت العقل من أصناف شتى كعدد الرمل .. فمن الناس من أعطي حبة و منهم
من أعطي حبتين و منهم الثلاث و الأربع و مهم من أعطي فرقا و منهم من أعطي وسقاو منهم من أعطي أكثر من ذلك ".
و من الحكايات الكثيرة عن تفاوت العقل أذكر هنا ما حكي عن بعض الأطباء انه دخل على مريض فجس نبضه و شاهد تفسرته فقال له :
لعلك تناولت شيئا من الفواكه ؟
قال المريض : نعم .
فقال الطبيب : لا ترجع إلى أكلها فإنها تضرك .
ثم دخل عليه اليوم الثاني و رأى النبض و التفسرة فقال : لعلك أكلت لحم الفروج ؟
قال المريض : نعم .
فقال الطبيب : لا ترجع إلى أكله فإنه يضرك .
فتعجب الناس من حذق الطبيب .. و كان للطبيب ابن فقال له : ياأبت
كيف عرفت تناوله للفاكهة و الفروج ؟
قال : يا بني ما عرفت ذلك بالطب وحده بل بالطب و الفراسة .
فقال له كيف عرفت بالفراسة ؟؟
فقال : إني لما دخلت دار المريض رأيت على سطح الدار سقاطات الفواكه ثم رأيت في وجهه انتفاخا و في النبض لينا و في التفسرة غلظا و فجاجة ,
و علمت أن الفاكهة إذا أحضرت عند المريض فإنه لا يصبر عنها فظهر لي ما ظهر من الشواهد أنه تناول الفاكهة
و ما جزمت بها بل قلت : لعلك أكلت ..
و في اليوم الثاني رأيت على باب الدار ريش الفروج و لا حظت في نبضه امتلاءا و في الرسوب غلظة , فعرفت أن الفروج لا يأكله إلا المريض غالبا .. فظهر بهذه الشواهد
و ما جزمت به بل قلت له : لعلك فعلت هذا .
فسمع ابنه هذا الكلام فأحب أن يسلك مسلك أبيه ..
فدخل على مريض و جس نبضه و شاهد تفسرته
فقال له : لعلك أكلت لحم حمار
فقال المريض : حاشا و كلا كيف يؤكل لحم الحمار أيها الطبيب ؟؟؟
فخجل ابن الطبيب و خرج , و انتهى ذلك إلى أبيه فسأله : كيف عرفت أنه أكل لحم الحمار ؟
فقال : لأني رأيت في دارهم برذعة فعلمت أنها لا تكون إلا للحمار ثم قلت في نفسي .. لو كان الحمار حيا لكانت برذعته عليه و إذا لم يكن حيا فإنهم ذبحوه و أكلوه .
فقال أبوه : لو كان شيء من هذه المقدمات صحيحا لرجوت فيك النجابة و الذكاء , و لكن المقدمات كلها فاسدة و طمع النجابة فيك محال .. و نعم من قال :
فلا ينفع مسموع إذا لم يكن مطبوع
و حكي أن أبا حنيفة رضي الله عنه كان جالسا يذكر الدروس , فدخل عليه شخص ذو هيئة فلما بدا قال أبو حنيفة لأصحابه : تثبتوا كيلا يأخذ عليكم هذا الرجل شيئا ..
فلما جلس و أبو حنيفة يذكر أوقات الصلاة , قال أبو حنيفة : أما الصبح فوقته من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس .. فإذا طلعت الشمس زال وقته ..
فقال ذلك الرجل : فإن طلعت الشمس قبل الفجر كيف يكون حكمها ؟؟
فالتفت أبو حنيفة إلى أصحابه و قال : كونوا كما شئتم فإن الأمر عل خلاف ما حسبنا ..
و المقصود هنا أنه لما دخل عليهم الرجل حسبه أبو حنيفة من العقلاء و اغتر في هيئته و منظره المهيب و لذلك نبه أصحابه بقوله : تثيتوا كيلا يأخذ عليكم هذا الرجل شيئا ..
و لكن عندما سأله الرجل السؤال الذي ينم عن قلة عقله و قلة نجابته , علم منه ماعلم فالتفت لأصحابه و قال لهم ماقال .
و حكي أن معاوية بن مروان ضاع له باز فقال : أغلقوا باب المدينة كيلا يخرج ..
أما القســـم الثالث ..
و هو علم التجارب و الرسوم و العادات ..
فتفاوت الناس فيه ظاهر و يدل عليه ما حكي عن أبا النجم عندما دخل على هشام بن عبد الملك و أنشد أرجوزته التي أولها :
الحمــد لله الواهب المجزل
و هي من أجود شعره و كان هشام مصغي له إلى أن أنتهى إلى قوله :
و الشمس في الجو كعين الأحول
فغضب هشام و كان أحول و أمر بصفعه و إخراجه .
و حكي أن بعض الملوك قال لصاحب خيله : قدم الفرس الأبيض ..
فقال له الوزير : لا تقل الفرس الأبيض فإنه عيب يخل بهيبة الملوك و لكن قل الأشهب ..
فلما أحضر السماط قال الملك لصاحب سماطه .. قدم الصحن الأشهب .
فقال له الوزير : قل ما شئت فما في تقويمك حيلة .
و حكي أن عتاب بن ورقاء دخل على عمرو بن هداب و كان قد كف بصره فقال له :
يا سيدي لا يسؤك فقدهما " يقصد هنا عينيه لأنه رآه أعمى " فإنك لو رأيت ثوابهما .. لتمنيت أن الله تعالى يقطع يديك و رجليك و يدق عنقك .
القســـــم الرابع ..
وهو إنتهاء القوة الغريزية إلى حد يعرف به عواقب الأمور و يقمع الشهوة الداعية إلى اللذة العاجلة لأجل سلامة العاقبة .
و لا يخفى اختلاف الناس فيه فإن إقدام الشبان على المعاصي أكثر من إقدام المشايخ و كذلك إقدامالعلماء أقل من إقدام العوام و ذلك لقوة علمهم بضرر المعاصي ..
كما ترى ان الأطباء أقدر على الإحتمال من غيرهم ..
و أحب أن أذكره هنا حكاية جميلة جدا مثلا على ما ذكرت ..
و هي أنه كان هناك بعض الملوك كان يتخذ كل سنة وزيرا فإذا تمت السنة عزله و بعثه إلى جزيرة .. و استوزر غيره
إلى ان اتخذ وزيرا عاقلا , فلما تولى الوزير منصبه الجديد بعث إلى تلك الجزيرة و بنى بها دارا لنفسه و نقل إليها ما كان من الأموال و كل مايلزمه ليعيش هناك ..
فلما تمت السنة لم يعزله الملك بل أقره على حاله ..
فسئل الملك عن ذلك فقال : اعلموا أني كنت محتاجا إلى وير عاقل ينظر في عواقب الامور ..
فما وجدت إلا من يراعي الحال و لا ينظر في العواقب فكرهت أن أعجل عزلهم فصبرت على سوء تدبيرهم سنة , فلما عزلتهم كرهت اختلاطهم بالناس و هم مطلعين على اسرار ملكي فبعثتهم كما تعلمون إلى الجزيرة..
و أما هذا الرجل فوجدته مراعيا للعواقب في جميع أموره , فلست أستبدل به أحدا ما دام هذا تدبيره ..
و الله الموفق للصواب بمنه و كرمه