شيخ الأسرار الباطنية
18-03-2012, 16:49
امرأة عمران(ص):
اصطفى الله تعالى واجتبى عمران (ص)وأهله كما اصطفى إبراهيم (ص)وأهله بدليل قوله تعالى بسورة آل عمران "إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين " وهذا يعنى أنه كان رسولا لبنى إسرائيل وقد وصفه بنو إسرائيل بأنه كان رجلا ليس سيئا أى مسلما وامرأته كانت صالحة ليست بغى وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا"وقد تزوج عمران (ص)من زوجته ولما حملت منه مات الرجل ولما علمت بحملها قالت إلهى إنى جعلت لك ما فى رحمى خادما للمسجد فتقبله منى إنك أنت السميع العليم وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "إذ قالت امرأة عمران رب إنى نذرت لك ما فى بطنى محررا فتقبل منى أنك أنت السميع العليم "وهذا النذر كان اعتقادا منها بأنها ستلد ولدا وكان عندها ولد أخر هو هارون بدليل قول القوم لمريم (ص)"يا أخت هارون ".
مولد مريم (ص):
ظلت امرأة عمران تنتظر ولادتها كى توفى بنذرها فلما ولدت وجدت الوليد أنثى فقالت ربى إنى ولدتها بنتا -وليس الولد كالبنت -وإنى سميتها مريم وإنى أحميها بك ونسلها من الهوى الضال وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "إذ قالت امرأة عمران رب إنى نذرت لك ما فى بطنى محررا فتقبل منى إنك أنت السميع العليم فلما وضعتها قالت رب إنى وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإنى سميتها مريم وإنى أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم "فكانت النتيجة أن رضى عنها ربها رضاء حسنا ورباها تربية حسنة وفى هذا قال تعالى بنفس السورة "فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا ".
كفالة مريم (ص):
نظرا لموت عمران (ص)كان لابد لمريم (ص)من كفيل أى وصى يقوم على تربيتها والإنفاق عليها واختلف العلماء على من يكون الوصى حتى اتفقوا على إجراء قرعة عن طريق إلقاء أقلامهم فالقلم الذى يتميز على أقلام الأخرين يكون صاحبه هو الوصى وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون " فكانت النتيجة أن تميز قلم زكريا (ص)فكفلها وفى هذا قال بسورة آل عمران "وكفلها زكريا "وكان زكريا (ص)يقوم برعايتها وكان كلما ولج عليها المسجد ليعطيها الطعام لقى عندها طعاما فسألها :يا مريم من أين لك هذا ؟ وهذا واجب كل أب أو وصى أن يسأل أولاده عن مصدر مالهم فقالت مريم (ص)هو من لدى الله إن الله يعطى من يريد بغير حساب وعند هذا عرف زكريا(ص) قدرة الله على العطاء فتذكر أنه لم ينجب فدعا الله :إلهى أعطى لى من عندك ولد طيب إنك مجيب النداء وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لى من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء "وقال :إلهى إنى ضعف العظم منى وامتلأ الشعر شيبا اي صار أبيضا ولم أكن لدينك إلهى عصيا وإنى خشيت على الأتباع من بعدى وكانت زوجتى عقيما فأعطنى من عندك ولدا يملك منى ومن أهل يعقوب واجعله إلهى مقبولا وقال إلهى لا تتركنى وحيدا وأنت أفضل الوارثين وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "رب إنى وهن العظم واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا وإنى خفت الموالى من ورائى وكانت امرأتى عاقرا فهب لى من لدنك يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا "وقال بسورة الأنبياء "وزكريا إن نادى ربه رب لا تذرنى فردا وأنت خير الوارثين "وكان هذا الدعاء خفى أى سرى وفى هذا قال بسورة مريم "إذ نادى ربه نداء خفيا " عند هذا كلمه جبريل (ص)وهو واقف يصلى فى المسجد :إن الله يخبرك بيحيى مؤمنا بحكم الله وحاكما أى قويا ورسولا من المسلمين ولم يكد زكريا (ص)يسمع الخبر حتى تساءل عن الكيفية إلهى كيف يصبح لى طفل وقد وصلت الكبر وزوجتى عقيم فقال جبريل (ص)كذلك أى ستنجب وأنت كبير عجوز من امرأتك العقيم العجوز كذلك الله يصنع ما يريد هكذا قال الله هو على سهل وقد أنشأتك من قبل ولم تك مخلوقا فقال إلهى حدد لى علامة أعرف بها بداية الحمل فقال له جبريل (ص)العلامة هى ألا تقدر على كلام الناس ثلاثة أيام متتالية إلا إشارة وأطع إلهك دوما أى اتبعه فى الليل والنهار وعند هذا خرج من المسجد فوجد نفسه غير قادر على الكلام فأشار لقومه أن أطيعوا الله نهارا وليلا وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "فنادته الملائكة وهو قائم يصلى فى المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين قال رب أنى يكون لى غلام وقد بلغنى الكبر وامرأتى عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء قال رب اجعل لى آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك بالعشى والإبكار"وقال بسورة مريم "يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا قال رب أنى يكون لى غلام وكانت امرأتى عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا قال كذلك قال ربك هو على هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا قال رب اجعل لى آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوه بكرة وعشيا "
يحيى (ص):
ولد يحيى (ص)وشب على يد والده فلما بلغ أشده قال الله له :يا يحيى أطع الكتاب بإخلاص ،وأعطاه الله الحكم وهو الوحى وهو صبى أى شاب وأعطاه من عنده حنانا أى زكاة أى رحمة وكان يحيى (ص)تقيا أى مطيعا لله ومحسنا لأبويه ولم يكن كافرا مخالفا لحكم الله ولذا أعطاه الله السلام فى حياته ويوم وفاته ويوم يعود حيا وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "يا يحيى خذ الكتاب بقوة وأتيناه الحكم صبيا وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا "ولم يقتل يحيى (ص)وإنما مات موتة عادية لقوله "ويوم يموت "ولم يكن متبتلا وإنما تزوج وأنجب ككل الرسل لقوله تعالى بسورة الرعد "ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية "
انتباذ مريم(ص) :
أحبت مريم (ص)أن تخلو لنفسها بعيدا عن أهلها فأقامت فى محراب شرق البلدة ملاصقا لبيت أهلها وكان هذا المكان حجابا أى مانعا لها عنهم وفى هذا المكان أرسل الله له روحه جبريل (ص)فتصور لها فى صورة إنسان كامل فلما وجدته أمامها فى المحراب وهو مقفل قالت له إنى احتمى بالله منك إن كنت مسلما ،فلو كان مسلما فلن يغصبها على الحرام لخوفه من الله وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "واذكر فى الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا قالت إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا "،فقال لها :يا مريم إنما أنا مبعوث إلهك إليك إن الله اختارك وطهرك واختارك من إناث الخلق يا مريم اخضعى لإلهك أى اتبعى أى أطيعى الله مع الطائعين وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يا مريم اقنتى لربك واسجدى واركعى مع الراكعين " وقال جبريل (ص)لها أنا مبعوث إلهك لك لأعطى لك طفلا طاهرا ،إن الله يخبرك برحمة من عنده ولد اسمه المسيح عيسى ابن مريم مباركا فى الأولى والقيامة ومن المقربين ويحدث الخلق فى الرضاعة وكبيرا ومن المسلمين فقالت متعجبة :كيف يصبح عندى طفل ولم أكن زانية ولم يتزوجنى رجل ؟فقال لها :كذلك أى وأنت هكذا بدون زواج وبدون رجل وبدون زنى هكذا قال إلهك هو على سهل ولنجعله علامة للخلق ونفع منا وكان حكما واقعا وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "قال إنما أنا رسول ربك إليك لأهب لك غلاما زكيا قالت أنى يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر ولم أك بغيا قال كذلك قال ربك هو على هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا" وقال بسورة آل عمران "إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها فى الدنيا والأخرة ومن المقربين ويكلم الناس فى المهد وكهلا ومن الصالحين "،بعد هذا حبلت مريم (ص) بعيسى (ص) ومن ثم تركت مكانها وذهبت لمكان بعيد فأتتها الولادة عند ساق النخلة فقالت يا ليتنى توفيت قبل حدوث هذا وكنت تركا متروكا فخاطبها من أسفلها جبريل (ص) ألا تخافى قد خلق إلهك أسفلك نهرا للشرب منه وحركى ساق النخلة تنزل عليك بلحا طريا فاطعمى وارتوى واسكنى نفسا فإما تشاهدين من الناس أحدا فقولى إنى نذرت لله صوما كلاميا فلن أحدث اليوم بشرا وبعد أن ولدت وأكلت وشربت عادت بالولد للقوم وهى ترفعه على يديها فعندما شاهدوها قالوا لها :يا مريم لقد أتيت جرما عظيما يا أخت هارون ما كان والدك رجل كفر وما كانت والدتك زانية عند هذا أشارت بيدها لابنها فقالوا القوم ساخرين منها :كيف نحدث من كان فى الرضاعة رجلا عند هذا نطق الرضيع فقال :إنى مملوك الله أعطانى الحكم وخلقنى رسولا وجعلنى وجيها أين ما كنت وأوصانى بالطاعة أى الإتباع لحكمه ما ظللت عائشا ومحسنا لأمى ولم يخلقنى كافرا مخالفا له والخير لى يوم ولدت ويوم أتوفى ويوم أعود مرة أخرى للحياة وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "فحملته فانتبذت به مكانا قصيا فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتنى مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا فناداها من تحتها ألا تحزنى قد جعل ربك تحتك سريا وهزى إليك بجذع النخلة تساقط رطبا جنيا فكلى واشربى وقرى عينى فإما ترين من البشر أحدا فقولى إنى نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ وما كانت أمك بغيا فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا قال إنى عبد الله أتانى الكتاب وجعلنى نبيا وجعلنى مباركا أينما كنت وأوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتى ولم يجعلنى جبارا شقيا والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ".
تعليم عيسى (ص):
علم الله عيسى (ص)الكتاب أى الحكمة وهى التوراة والإنجيل وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل " حتى يستطيع مواجهة القوم بالتوراة ويخبرهم بالأحكام الجديدة فى الإنجيل .
معجزات عيسى (ص):
بين عيسى (ص)لبنى إسرائيل معجزاته فقال إنى رسول الله لكم إنى قد أتيتكم بعلامة من إلهكم هى :
- أنى أصنع من الطين كشكل الطيور فأنفث فيها فتصبح طيورا حية بأمر الله .
- أنى أشفى الأعمى والأبهق وهو المصاب بتلون جلدى بالكلام .
- أنى أبعث الهلكى للحياة مرة أخرى بأمر الله .
- أنى أخبركم بالذى تأكلون والذى تخزنون فى بيوتكم من الأشياء .
إن فى هذا لبرهان لكم إن كنتم مصدقين ومؤمنا بالذى عندى من التوراة ولأبيح لكم بعض الذى منع عليكم وأتيتكم ببرهان من إلهكم فأطيعوا الله أى أطيعوا حكم الله المنزل على إن الله إلهى وإلهكم فأطيعوه هذا دين عادل وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "ورسولا إلى بنى إسرائيل أنى قد جئتكم بآية من ربكم أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرىء الأكمه والأبرص وأحى الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيوتكم إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ومصدقا لما بين يدى من التوراة ولأحل لكم بعض الذى حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربى وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم "وقال لهم قد أتيتكم بالحكمة وهى الوحى وأظهر لكم بعض الذى تتنازعون فيه فأطيعوا الله واتبعون إن الله إلهى وإلهكم فأطيعوه هذا دين عادل وفى هذا قال تعالى بسورة الزخرف "ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذى تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون إن الله هو ربى وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم " وقال عيسى (ص)للقوم يا بنى إسرائيل إنى مبعوث الله لكم مؤمنا بما عندى من التوراة ومخبرا بنبى يجىء من بعدى اسمه أحمد وفى هذا قال تعالى بسورة الصف "وإذ قال عيسى ابن مريم يا بنى إسرائيل إنى رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدى من التوراة ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد "وكان أصحاب عيسى (ص)يخافون أى يرهبون الله رهبة شديدة لذا اخترعوا الرهبانية وهى مجموعة أحكام ألزموا أنفسهم بها دون أن يفرضها الله عليهم رغبة فى رضا الله عنهم ثم طلبوا فرضها على من يريد منهم ففرضها الله عليهم وفى هذا قال تعالى بسورة الحديد"وقفينا بعيسى ابن مريم وأتيناه الإنجيل وجعلنا فى قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله" وكان عيسى (ص)مؤيدا فى كل هذا بروح القدس وهو جبريل (ص)وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وأتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس " .
الحواريون وعيسى (ص):
لما دعا عيسى (ص)القوم للإسلام أوحى الله للحواريين :أن صدقوا بحكمى وبنبيى فقالوا صدقنا واعترف بأننا مطيعون ،لذا أمن به عدد قليل هم الحواريون ولما شعر عيسى (ص)بكفر وهو تكذيب القوم له قال من معينى فى دين الله فقال الحواريون نحن مؤيدوا دين الله صدقنا بحكم الله واعترف بأنا مطيعون إلهنا صدقنا بما أوحيت وأطعنا النبى فاجعلنا مع المسلمين وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله أمنا بالله وأشهد بأنا مسلمون ربنا أمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين "وقال بسورة الصف "كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله "وقد قال الحواريون لعيسى (ص) :هل يقدر إلهك على أن ينزل علينا خوان عليه طعام من السحاب قال أطيعوا الله إن كنتم مصدقين فقالوا له :نحب أن نطعم منها وتسكن نفوسنا ونعرف أن صدقتنا ونصبح بها من المعترفين فقال عيسى (ص)داعيا الله فقال اللهم إلهنا أنزل علينا مائدة من السماء تصبح عيدا لسابقنا ومتأخرنا ومعجزة منك وأعطنا وأنت أحسن العاطين فقال الله لهم إنى معطيها لكم فمن يكذب بعد منكم فإنى أعاقبه عقابا لا أعاقبه أحدا من الخلق وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وأخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين قال الله إنى منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإنى أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ".
التآمر على عيسى (ص):
أراد القوم أن يؤذوا عيسى (ص)فكفهم أى منعهم الله عنه وفى هذا قال بسورة المائدة "وإذ كففت بنى إسرائيل عنك "فاتهموه بأنه ساحر لما أتاهم بالمعجزات وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين " وقد مكر القوم مكرا أى دبروا مؤامرة لقتل عيسى (ص)وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين "ونفذ القوم المؤامرة لكنهم بدلا من أن يقتلوا عيسى (ص)قتلوا واحدا منهم كان يشبهه تماما وصلبوه فوق الصليب وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم " وحتى يزيدهم الله كفرا أوحى لعيسى (ص)إنى مميتك ورافعك عندى وناصرك على الذين كفروا وجاعل الذين أطاعوك فوق الذين عصوك ليوم البعث ثم إلى مرجعكم فأقضى بينكم فى الذى كنتم فيه تتنازعون وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "إذ قال الله يا عيسى إنى متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلى مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون "وبالفعل مات عيسى (ص)ورفعه الله للجنة وهى الربوة ذات القرار والمعين التى دخلها مع أمه وفى هذا قال تعالى بسورة المؤمنون "وجعلنا ابن مريم وأمه آية وأويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ".
حديث الله مع عيسى (ص)فى القيامة :
فى يوم القيامة يقول الله لعيسى (ص):هل أنت قلت للبشر اعبدونى ووالدتى ربين من سوى الله فقال عيسى (ص)طاعتك ما يحق لى أن أطلب الذى ليس لى بحق إن كنت تحدثت به فقد عرفت به تعرف الذى فى قلبى ولا أعرف الذى فى قلبك إنك أنت عارف الخفايا ما تحدثت معهم إلا بالذى أوحيت لى أن أطيعوا الله إلهى وإلهكم وكنت رقيبا عليهم ما عشت معهم فلما أمتنى كنت أنت الشاهد عليهم وأنت على كل أمر رقيب إن تعاقبهم فهم خلقك وإن تعفو عنهم فإنك أنت الناصر القاضى فقال الله له هذا يوم يفيد المسلمين عملهم لهم حدائق تسير من أسفلها العيون مقيمين فيها دوما قبل الله منهم وقبلوا منه ذلك النصر الكبير وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذونى وأمى إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لى أن أقول ما ليس لى بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك إنك أنت علام الغيوب ما قلت لهم إلا ما أمرتنى به أن اعبدوا الله ربى وربكم وكنت عليهم شهيدا إن تعذبهم فهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم ".
اصطفى الله تعالى واجتبى عمران (ص)وأهله كما اصطفى إبراهيم (ص)وأهله بدليل قوله تعالى بسورة آل عمران "إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين " وهذا يعنى أنه كان رسولا لبنى إسرائيل وقد وصفه بنو إسرائيل بأنه كان رجلا ليس سيئا أى مسلما وامرأته كانت صالحة ليست بغى وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا"وقد تزوج عمران (ص)من زوجته ولما حملت منه مات الرجل ولما علمت بحملها قالت إلهى إنى جعلت لك ما فى رحمى خادما للمسجد فتقبله منى إنك أنت السميع العليم وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "إذ قالت امرأة عمران رب إنى نذرت لك ما فى بطنى محررا فتقبل منى أنك أنت السميع العليم "وهذا النذر كان اعتقادا منها بأنها ستلد ولدا وكان عندها ولد أخر هو هارون بدليل قول القوم لمريم (ص)"يا أخت هارون ".
مولد مريم (ص):
ظلت امرأة عمران تنتظر ولادتها كى توفى بنذرها فلما ولدت وجدت الوليد أنثى فقالت ربى إنى ولدتها بنتا -وليس الولد كالبنت -وإنى سميتها مريم وإنى أحميها بك ونسلها من الهوى الضال وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "إذ قالت امرأة عمران رب إنى نذرت لك ما فى بطنى محررا فتقبل منى إنك أنت السميع العليم فلما وضعتها قالت رب إنى وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإنى سميتها مريم وإنى أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم "فكانت النتيجة أن رضى عنها ربها رضاء حسنا ورباها تربية حسنة وفى هذا قال تعالى بنفس السورة "فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا ".
كفالة مريم (ص):
نظرا لموت عمران (ص)كان لابد لمريم (ص)من كفيل أى وصى يقوم على تربيتها والإنفاق عليها واختلف العلماء على من يكون الوصى حتى اتفقوا على إجراء قرعة عن طريق إلقاء أقلامهم فالقلم الذى يتميز على أقلام الأخرين يكون صاحبه هو الوصى وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون " فكانت النتيجة أن تميز قلم زكريا (ص)فكفلها وفى هذا قال بسورة آل عمران "وكفلها زكريا "وكان زكريا (ص)يقوم برعايتها وكان كلما ولج عليها المسجد ليعطيها الطعام لقى عندها طعاما فسألها :يا مريم من أين لك هذا ؟ وهذا واجب كل أب أو وصى أن يسأل أولاده عن مصدر مالهم فقالت مريم (ص)هو من لدى الله إن الله يعطى من يريد بغير حساب وعند هذا عرف زكريا(ص) قدرة الله على العطاء فتذكر أنه لم ينجب فدعا الله :إلهى أعطى لى من عندك ولد طيب إنك مجيب النداء وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لى من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء "وقال :إلهى إنى ضعف العظم منى وامتلأ الشعر شيبا اي صار أبيضا ولم أكن لدينك إلهى عصيا وإنى خشيت على الأتباع من بعدى وكانت زوجتى عقيما فأعطنى من عندك ولدا يملك منى ومن أهل يعقوب واجعله إلهى مقبولا وقال إلهى لا تتركنى وحيدا وأنت أفضل الوارثين وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "رب إنى وهن العظم واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا وإنى خفت الموالى من ورائى وكانت امرأتى عاقرا فهب لى من لدنك يرثنى ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا "وقال بسورة الأنبياء "وزكريا إن نادى ربه رب لا تذرنى فردا وأنت خير الوارثين "وكان هذا الدعاء خفى أى سرى وفى هذا قال بسورة مريم "إذ نادى ربه نداء خفيا " عند هذا كلمه جبريل (ص)وهو واقف يصلى فى المسجد :إن الله يخبرك بيحيى مؤمنا بحكم الله وحاكما أى قويا ورسولا من المسلمين ولم يكد زكريا (ص)يسمع الخبر حتى تساءل عن الكيفية إلهى كيف يصبح لى طفل وقد وصلت الكبر وزوجتى عقيم فقال جبريل (ص)كذلك أى ستنجب وأنت كبير عجوز من امرأتك العقيم العجوز كذلك الله يصنع ما يريد هكذا قال الله هو على سهل وقد أنشأتك من قبل ولم تك مخلوقا فقال إلهى حدد لى علامة أعرف بها بداية الحمل فقال له جبريل (ص)العلامة هى ألا تقدر على كلام الناس ثلاثة أيام متتالية إلا إشارة وأطع إلهك دوما أى اتبعه فى الليل والنهار وعند هذا خرج من المسجد فوجد نفسه غير قادر على الكلام فأشار لقومه أن أطيعوا الله نهارا وليلا وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "فنادته الملائكة وهو قائم يصلى فى المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين قال رب أنى يكون لى غلام وقد بلغنى الكبر وامرأتى عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء قال رب اجعل لى آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك بالعشى والإبكار"وقال بسورة مريم "يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا قال رب أنى يكون لى غلام وكانت امرأتى عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا قال كذلك قال ربك هو على هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا قال رب اجعل لى آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوه بكرة وعشيا "
يحيى (ص):
ولد يحيى (ص)وشب على يد والده فلما بلغ أشده قال الله له :يا يحيى أطع الكتاب بإخلاص ،وأعطاه الله الحكم وهو الوحى وهو صبى أى شاب وأعطاه من عنده حنانا أى زكاة أى رحمة وكان يحيى (ص)تقيا أى مطيعا لله ومحسنا لأبويه ولم يكن كافرا مخالفا لحكم الله ولذا أعطاه الله السلام فى حياته ويوم وفاته ويوم يعود حيا وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "يا يحيى خذ الكتاب بقوة وأتيناه الحكم صبيا وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا وبرا بوالديه ولم يكن جبارا عصيا وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا "ولم يقتل يحيى (ص)وإنما مات موتة عادية لقوله "ويوم يموت "ولم يكن متبتلا وإنما تزوج وأنجب ككل الرسل لقوله تعالى بسورة الرعد "ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية "
انتباذ مريم(ص) :
أحبت مريم (ص)أن تخلو لنفسها بعيدا عن أهلها فأقامت فى محراب شرق البلدة ملاصقا لبيت أهلها وكان هذا المكان حجابا أى مانعا لها عنهم وفى هذا المكان أرسل الله له روحه جبريل (ص)فتصور لها فى صورة إنسان كامل فلما وجدته أمامها فى المحراب وهو مقفل قالت له إنى احتمى بالله منك إن كنت مسلما ،فلو كان مسلما فلن يغصبها على الحرام لخوفه من الله وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "واذكر فى الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا قالت إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا "،فقال لها :يا مريم إنما أنا مبعوث إلهك إليك إن الله اختارك وطهرك واختارك من إناث الخلق يا مريم اخضعى لإلهك أى اتبعى أى أطيعى الله مع الطائعين وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يا مريم اقنتى لربك واسجدى واركعى مع الراكعين " وقال جبريل (ص)لها أنا مبعوث إلهك لك لأعطى لك طفلا طاهرا ،إن الله يخبرك برحمة من عنده ولد اسمه المسيح عيسى ابن مريم مباركا فى الأولى والقيامة ومن المقربين ويحدث الخلق فى الرضاعة وكبيرا ومن المسلمين فقالت متعجبة :كيف يصبح عندى طفل ولم أكن زانية ولم يتزوجنى رجل ؟فقال لها :كذلك أى وأنت هكذا بدون زواج وبدون رجل وبدون زنى هكذا قال إلهك هو على سهل ولنجعله علامة للخلق ونفع منا وكان حكما واقعا وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "قال إنما أنا رسول ربك إليك لأهب لك غلاما زكيا قالت أنى يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر ولم أك بغيا قال كذلك قال ربك هو على هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا" وقال بسورة آل عمران "إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها فى الدنيا والأخرة ومن المقربين ويكلم الناس فى المهد وكهلا ومن الصالحين "،بعد هذا حبلت مريم (ص) بعيسى (ص) ومن ثم تركت مكانها وذهبت لمكان بعيد فأتتها الولادة عند ساق النخلة فقالت يا ليتنى توفيت قبل حدوث هذا وكنت تركا متروكا فخاطبها من أسفلها جبريل (ص) ألا تخافى قد خلق إلهك أسفلك نهرا للشرب منه وحركى ساق النخلة تنزل عليك بلحا طريا فاطعمى وارتوى واسكنى نفسا فإما تشاهدين من الناس أحدا فقولى إنى نذرت لله صوما كلاميا فلن أحدث اليوم بشرا وبعد أن ولدت وأكلت وشربت عادت بالولد للقوم وهى ترفعه على يديها فعندما شاهدوها قالوا لها :يا مريم لقد أتيت جرما عظيما يا أخت هارون ما كان والدك رجل كفر وما كانت والدتك زانية عند هذا أشارت بيدها لابنها فقالوا القوم ساخرين منها :كيف نحدث من كان فى الرضاعة رجلا عند هذا نطق الرضيع فقال :إنى مملوك الله أعطانى الحكم وخلقنى رسولا وجعلنى وجيها أين ما كنت وأوصانى بالطاعة أى الإتباع لحكمه ما ظللت عائشا ومحسنا لأمى ولم يخلقنى كافرا مخالفا له والخير لى يوم ولدت ويوم أتوفى ويوم أعود مرة أخرى للحياة وفى هذا قال تعالى بسورة مريم "فحملته فانتبذت به مكانا قصيا فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت يا ليتنى مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا فناداها من تحتها ألا تحزنى قد جعل ربك تحتك سريا وهزى إليك بجذع النخلة تساقط رطبا جنيا فكلى واشربى وقرى عينى فإما ترين من البشر أحدا فقولى إنى نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ وما كانت أمك بغيا فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا قال إنى عبد الله أتانى الكتاب وجعلنى نبيا وجعلنى مباركا أينما كنت وأوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتى ولم يجعلنى جبارا شقيا والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ".
تعليم عيسى (ص):
علم الله عيسى (ص)الكتاب أى الحكمة وهى التوراة والإنجيل وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل " حتى يستطيع مواجهة القوم بالتوراة ويخبرهم بالأحكام الجديدة فى الإنجيل .
معجزات عيسى (ص):
بين عيسى (ص)لبنى إسرائيل معجزاته فقال إنى رسول الله لكم إنى قد أتيتكم بعلامة من إلهكم هى :
- أنى أصنع من الطين كشكل الطيور فأنفث فيها فتصبح طيورا حية بأمر الله .
- أنى أشفى الأعمى والأبهق وهو المصاب بتلون جلدى بالكلام .
- أنى أبعث الهلكى للحياة مرة أخرى بأمر الله .
- أنى أخبركم بالذى تأكلون والذى تخزنون فى بيوتكم من الأشياء .
إن فى هذا لبرهان لكم إن كنتم مصدقين ومؤمنا بالذى عندى من التوراة ولأبيح لكم بعض الذى منع عليكم وأتيتكم ببرهان من إلهكم فأطيعوا الله أى أطيعوا حكم الله المنزل على إن الله إلهى وإلهكم فأطيعوه هذا دين عادل وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "ورسولا إلى بنى إسرائيل أنى قد جئتكم بآية من ربكم أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرىء الأكمه والأبرص وأحى الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيوتكم إن فى ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين ومصدقا لما بين يدى من التوراة ولأحل لكم بعض الذى حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربى وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم "وقال لهم قد أتيتكم بالحكمة وهى الوحى وأظهر لكم بعض الذى تتنازعون فيه فأطيعوا الله واتبعون إن الله إلهى وإلهكم فأطيعوه هذا دين عادل وفى هذا قال تعالى بسورة الزخرف "ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذى تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون إن الله هو ربى وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم " وقال عيسى (ص)للقوم يا بنى إسرائيل إنى مبعوث الله لكم مؤمنا بما عندى من التوراة ومخبرا بنبى يجىء من بعدى اسمه أحمد وفى هذا قال تعالى بسورة الصف "وإذ قال عيسى ابن مريم يا بنى إسرائيل إنى رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدى من التوراة ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد "وكان أصحاب عيسى (ص)يخافون أى يرهبون الله رهبة شديدة لذا اخترعوا الرهبانية وهى مجموعة أحكام ألزموا أنفسهم بها دون أن يفرضها الله عليهم رغبة فى رضا الله عنهم ثم طلبوا فرضها على من يريد منهم ففرضها الله عليهم وفى هذا قال تعالى بسورة الحديد"وقفينا بعيسى ابن مريم وأتيناه الإنجيل وجعلنا فى قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله" وكان عيسى (ص)مؤيدا فى كل هذا بروح القدس وهو جبريل (ص)وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وأتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس " .
الحواريون وعيسى (ص):
لما دعا عيسى (ص)القوم للإسلام أوحى الله للحواريين :أن صدقوا بحكمى وبنبيى فقالوا صدقنا واعترف بأننا مطيعون ،لذا أمن به عدد قليل هم الحواريون ولما شعر عيسى (ص)بكفر وهو تكذيب القوم له قال من معينى فى دين الله فقال الحواريون نحن مؤيدوا دين الله صدقنا بحكم الله واعترف بأنا مطيعون إلهنا صدقنا بما أوحيت وأطعنا النبى فاجعلنا مع المسلمين وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله أمنا بالله وأشهد بأنا مسلمون ربنا أمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين "وقال بسورة الصف "كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله "وقد قال الحواريون لعيسى (ص) :هل يقدر إلهك على أن ينزل علينا خوان عليه طعام من السحاب قال أطيعوا الله إن كنتم مصدقين فقالوا له :نحب أن نطعم منها وتسكن نفوسنا ونعرف أن صدقتنا ونصبح بها من المعترفين فقال عيسى (ص)داعيا الله فقال اللهم إلهنا أنزل علينا مائدة من السماء تصبح عيدا لسابقنا ومتأخرنا ومعجزة منك وأعطنا وأنت أحسن العاطين فقال الله لهم إنى معطيها لكم فمن يكذب بعد منكم فإنى أعاقبه عقابا لا أعاقبه أحدا من الخلق وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وأخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين قال الله إنى منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإنى أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ".
التآمر على عيسى (ص):
أراد القوم أن يؤذوا عيسى (ص)فكفهم أى منعهم الله عنه وفى هذا قال بسورة المائدة "وإذ كففت بنى إسرائيل عنك "فاتهموه بأنه ساحر لما أتاهم بالمعجزات وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين " وقد مكر القوم مكرا أى دبروا مؤامرة لقتل عيسى (ص)وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين "ونفذ القوم المؤامرة لكنهم بدلا من أن يقتلوا عيسى (ص)قتلوا واحدا منهم كان يشبهه تماما وصلبوه فوق الصليب وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم " وحتى يزيدهم الله كفرا أوحى لعيسى (ص)إنى مميتك ورافعك عندى وناصرك على الذين كفروا وجاعل الذين أطاعوك فوق الذين عصوك ليوم البعث ثم إلى مرجعكم فأقضى بينكم فى الذى كنتم فيه تتنازعون وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "إذ قال الله يا عيسى إنى متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلى مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون "وبالفعل مات عيسى (ص)ورفعه الله للجنة وهى الربوة ذات القرار والمعين التى دخلها مع أمه وفى هذا قال تعالى بسورة المؤمنون "وجعلنا ابن مريم وأمه آية وأويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ".
حديث الله مع عيسى (ص)فى القيامة :
فى يوم القيامة يقول الله لعيسى (ص):هل أنت قلت للبشر اعبدونى ووالدتى ربين من سوى الله فقال عيسى (ص)طاعتك ما يحق لى أن أطلب الذى ليس لى بحق إن كنت تحدثت به فقد عرفت به تعرف الذى فى قلبى ولا أعرف الذى فى قلبك إنك أنت عارف الخفايا ما تحدثت معهم إلا بالذى أوحيت لى أن أطيعوا الله إلهى وإلهكم وكنت رقيبا عليهم ما عشت معهم فلما أمتنى كنت أنت الشاهد عليهم وأنت على كل أمر رقيب إن تعاقبهم فهم خلقك وإن تعفو عنهم فإنك أنت الناصر القاضى فقال الله له هذا يوم يفيد المسلمين عملهم لهم حدائق تسير من أسفلها العيون مقيمين فيها دوما قبل الله منهم وقبلوا منه ذلك النصر الكبير وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة "وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذونى وأمى إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لى أن أقول ما ليس لى بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك إنك أنت علام الغيوب ما قلت لهم إلا ما أمرتنى به أن اعبدوا الله ربى وربكم وكنت عليهم شهيدا إن تعذبهم فهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضى الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم ".