شيخ الأسرار الباطنية
28-01-2012, 17:21
قصص الأنبياء
من وجھة العلوم الباطنيَة
((آدم علیھ السلام))
تھدف الدراسات التاریخیة الحدیثة التي تجري اعتمادا على الوسائل والأسالیب المتطورة ،
التي یعرفھا العصر الحدیث إلى استرجاع صور الماضي البشري والحیواني والنباتي
والكوني ، ویقصد الباحثون في ھذه المجالات الوصول إلى معرفة الإنسان البدائي في شكلھ
الحقیقي الأول ، وطریقة حیاتھ ، وكیفیة وجوده .
غیر أن ھذه الغایة تظل من وجھة النظر الدینیة مجرد عمل یدخل في باب الأساطیر
والخرافات.. فحقیقة الإنسان حرفت من لدن العقلانیین والطبیعیین والمادیین فرفض لذلك
الھدي الدیني الذي ینیر البحث ، ولذلك تبقى النتائج المتوصل غلیھا خرافات بالنسبة للدین .
فالحقیقة التي أعطیت من لدن أولئك الباحثین تعد حقیقة زائفة ولا أصل لھا . إذ لا یعقل عند
المتدین أن یقال إن الإنسان كائن منحدر من حیوان أو غیر ذلك مما یعتبر نتاج خیال سقیم
واعتقادا مبھما یعطي الإنسان صورة خیالیة عن أصلھ وبدایتھ .
إننا نعرف الآن أن الخیال المصطنع ماھو سوى مرحلة أولى للدخول على الباطن ولیس
ھو الباطن نفسھ . وبالدخول إلى الباطن یتمكن المتصل من معاینة الصور الخیالیة التي تسبح
منذ القدیم في عالم الباطن الخیالي ، غذ ھي من فعل أفكار واعتقادات القدامى وخیالاتھم ،
فیفصل بمدركاتھ الاتصالیة العقلیة فكر الإنسان بین ما ھو حقیقي وما ھو محتمل .
إن الفرق في تقدیر الشكل الأصلي للإنسان ومقدراتھ الأولى وأسالیب عیشھ وتفكیره ،
یختلف بین الباحثین في التاریخ الإنساني وأصل الإنسان باختلاف عامل الإیمان والتصدیق
والجحود والتكذیب لدى ھذا الباحث أو ذاك . فالمعتز بمدركات عقلھ یرفض الحقیقة التي
تنص علیھا الكتب السماویة حول ھذا الموضوع ، والمنزلة على الأنبیاء والرسل علیھم
السلام ، والمفصلة بشكل أوضح وأكثر دقة في رسالة محمد خاتم النبیین ، الذي أكمل بھ الله
تعالى الدین وأتم بھ النعمة ، ونعمة التسلیم والفھم . أما المؤمن ، فنجد لھ روابط فكریة
بالأصول العلمیة الدینیة فإذا المسألة قد فك العلم الدیني عقدتھا وبت فیھا بقول ثابت . وبین
ھذا وذاك ، نجد بعض الباطنیین المنحرفین كالیوغیین والبوذیین یأخذون بمصنفات فكر
خاصة عن المادة الروحیة والأصالة الكونیة في ھیكل خلقي مختلف یرجعونھ إلى الله سبحانھ
وتعالى ، ومثلھم في ذلك ، الفراعنة الذین كانوا یرون أن أصل الإنسان إنما ھو أصل باطني
إلھي .
لنقارن مثلا بین ھذه الاتجاھات التفكیریة فنقول : إن الأھرام الفرعونیة مثلا لا تعطینا مع
ما تشملھ من دقائق ونقوش ورموز أي شيء عن حیاة موسى علیھ السلام أو ھارون أو
الخضر أو یوسف ، وكذلك الأمر بالنسبة لأنقاض روما العظیمة . إن ھذه الآثار لا تحكي
عن إرم ذات العماد التي شیدھا عاد ، ولا تفتح أمامنا صفحات قصة ھود علیھ السلام . وفي
ھذا السیاق ، فالذین یدرسون التاریخ الإنساني بالمنھج والأسلوب العقلانیین لم یدركوا شیئ ا
عن النبي شعیب وھم یكتبون عن ((مدوز)) وھي مدین ، ولا عن ((ود)) وھم یتحدثون عن بوذ ا
وھو نفس الشخص ، ولاعن الیكة حین تحدثوا عن الأنكا ، وغاب عنھم أن أصحاب الرس
ھم الھنود الحمر، وحین درسوا الآثار التي لا تزال قائمة بأوروبا والعائدة على ثمود لم
یتطرقوا لذكر النبي صالح علیھ السلام..الخ
لقد ترجم لنا الذین أرخوا للفراعنة ودرسوا الحضارة الفرعونیة وبحثوا فیھا ونقبوا ، م ا
توصلوا إلیھ فقالوا إن ھؤلاء الفراعنة كانوا یطلقون اسمي((سیت)) و((ھیروس)) على ابني آدم ،
غیر أنھم ذكروا ھذا في سیاق الحدیث عن إلھي الخیر والشر عند الفراعنة وكان ھذان
الاسمان لھذین الإلھین ، فكان عملھم معتمدا على وجھات نظر وثنیة ، ولا یمكن اعتبارھ ا
ذات صبغة تاریخیة علمیة مقبولة .
إن الأمم والشعوب خلفت – على ھذا المنوال – صفحات تاریخیة زائفة لا تمت للحقیقة
بصلة ، غذ اختلطت فیھا الفھوم الأسطوریة والوثنیة بالأحداث والحقائق فصعب الاعتماد
علیھا ظاھریا لاستخلاص الحقیقة الأصلیة ، وكان ھذا الزیف نتیجة ھیمنة شعور الاعتزاز
بالذات لدى ھذه الأمم ، وكذا انھماكھم الكل في فھمھم الوثني . أما التاریخ الذي یقدمھ الدین
الإسلامي – وھذا لم یروه بشر – فإنھ یظھر أولا ظاھرة الوثنیة من جانب خاص ، ویثبت
حقیقة الدین في كل عصر من العصور .
الإنسان غیر المتدین لم یسعھ أن یقترح تاریخا مقبولا باعتماده الوثنیة التي ھي مجرد
خرافة فكریة ، أو تاریخ رسالات الإلھ ، فلا ھذه ولا تلك ، فیكون قول ھذا الإنسان قولا زائف ا
نستدل علیھ بقول بعض العقلانیین : إن موسى علیھ السلام كان شاعرا عبرانیا وحد صفوف
بني إسرائیل بعد ثورتھ على الفراعنة(فأصبح شاعرا ثوریا)، وقولھم سفاھة : إن إبراھیم
علیھ السلام كان زعیم حزب .
إن بعض العرب(من الخاطئین) ینجرفون في فھمھم للتاریخ نحو الضلالة إذ یحاولون أن
یبحثوا في أصل عاد وثمود ھادفین إلى إثبات صلة لھم بالعرب الأوائل وبأرض شبھ الجزیرة
العربیة ، وكأنھم بذلك یحاولون إثبات أن العرب ذوو ماض عریق وسلالة تضرب جذورھ ا
في القدم! وھل بمثل قوم عاد وثمود یصح للعرب والمسلمین أن یعتزوا وإلى مثلھم یستحق
أن ینسبوا !؟
إن من لا یفرق بین الأجناس البشریة یقع في ھذا النوع من الخلط ، فیقول مثلا(وقد قیل
ذلك) إن إبراھیم علیھ السلام یھودي أو نصراني ، ناسیا أن إبراھیم لم یكن كذلك قط ، وأن
أبتھ نفسھ لم یكن حنیفیا ، فالأمر ھنا إذن لا علاقة لھ بالعرق أو النسب ، وفضلا عن ذلك فالله
سبحانھ جعل لكل أمة لسانا وكتابا أو رسالة أو وصایا...
إن تفكیر وتحلیل المشرك أو الملحد أو العقلاني ، حسب ما یحلو للناس أن یطلقوا علیھ من
أسام ، لا یمكن أن یأتینا أبدا بأیة حقیقة لتاریخ حقیقي ، وإلا فكیف یعقل أن یفعل ذلك من
یقول مثلا إن عیسى ابن الله !؟
یقول صاحبا كتاب((قصص الأنبیاء)) : والكتاب أخذت موضوعاتھ من علم الباطن على
غرار باقي كتب المجموعة - : ((إذا ما ذكر آدم عليه السلام ، ذكر مشكل التكوين البشري . ومثل
آدم عليه السلام ، مثل يضل به الكثير ويھتدي من شاء له الله الھدى ، فالكافر ينكر وجود آدم ، وقد
يؤمن الكافر بوجوده ، وإيمانه مشوب بالشرك والضلالة ، فيذكر آدم عليه السلام كإله للشمس ينبوع
الحياة ، وأصل للروح الممتدة ، وھو رع ، وھو الشيء الأزلي قبل الأشياء ، والشيء العدمي الموجود
في الوجود )) .
لقد أعطي لآدم علیھ السلام رمز الشمس(في ھذا المفھوم الوثني) ولحواء رمز القمر،
ولذریتھما رمز النجوم ، وللحیاة رمز الأرض ، وللروح رمز السماء ، وللقوة رمز الماء ،
وللسر الكوني رمز النار. ولما كان رمز الشمس في الأرض ھو النار، ورمز القمر ھو
الماء ، فقد أصبح الأول رمزا لآدم ، والثاني رمزا لحواء(النار والماء).
لقد كان الرمز الكوني في ھذا الفھم الوثني ھو البشر، وكان الخلق البشري إلھیا خالدا في
الخلود . ولما كان یرمز إلى ذریة آدم بالنجوم فقد عكف عاد وثمود عند ظھورھما على
تقدیس زحل، وما زحل ھذا سوى رجل ، وتقدیس الزھرة ، التي ما كانت سوى امرأة(فالفھم
الوثني یرجع دائما إلى الرمز الأول إذ سمي آدم بزحل وحواء بالزھرة) وأطلق على عاد اسم
((أمون)) وعلى ثمود اسم((رع)) وكان المعبود ھذه المرة ھي النار. وقد كانت ھذه النار رمز ا
للوجود كلھ عند القاتل من ابني آدم كما سبق الذكر .
إن المفكر العلماني أو الملحد حین یفكر في آدم فإنھ یستعرض قضیة التكوین الخلقي التي
یراقبھا بعینھ أو تحت مجھره ویرصد مراحلھا بآلاتھ ومعداتھ ، ویحاول من خلال ذلك أن
یضع تصورا – ویظل ھذا مجرد تصور – لما یحتمل أن تكون علیھ الخلقة الأولى للإنسان .
تابع ......
من وجھة العلوم الباطنيَة
((آدم علیھ السلام))
تھدف الدراسات التاریخیة الحدیثة التي تجري اعتمادا على الوسائل والأسالیب المتطورة ،
التي یعرفھا العصر الحدیث إلى استرجاع صور الماضي البشري والحیواني والنباتي
والكوني ، ویقصد الباحثون في ھذه المجالات الوصول إلى معرفة الإنسان البدائي في شكلھ
الحقیقي الأول ، وطریقة حیاتھ ، وكیفیة وجوده .
غیر أن ھذه الغایة تظل من وجھة النظر الدینیة مجرد عمل یدخل في باب الأساطیر
والخرافات.. فحقیقة الإنسان حرفت من لدن العقلانیین والطبیعیین والمادیین فرفض لذلك
الھدي الدیني الذي ینیر البحث ، ولذلك تبقى النتائج المتوصل غلیھا خرافات بالنسبة للدین .
فالحقیقة التي أعطیت من لدن أولئك الباحثین تعد حقیقة زائفة ولا أصل لھا . إذ لا یعقل عند
المتدین أن یقال إن الإنسان كائن منحدر من حیوان أو غیر ذلك مما یعتبر نتاج خیال سقیم
واعتقادا مبھما یعطي الإنسان صورة خیالیة عن أصلھ وبدایتھ .
إننا نعرف الآن أن الخیال المصطنع ماھو سوى مرحلة أولى للدخول على الباطن ولیس
ھو الباطن نفسھ . وبالدخول إلى الباطن یتمكن المتصل من معاینة الصور الخیالیة التي تسبح
منذ القدیم في عالم الباطن الخیالي ، غذ ھي من فعل أفكار واعتقادات القدامى وخیالاتھم ،
فیفصل بمدركاتھ الاتصالیة العقلیة فكر الإنسان بین ما ھو حقیقي وما ھو محتمل .
إن الفرق في تقدیر الشكل الأصلي للإنسان ومقدراتھ الأولى وأسالیب عیشھ وتفكیره ،
یختلف بین الباحثین في التاریخ الإنساني وأصل الإنسان باختلاف عامل الإیمان والتصدیق
والجحود والتكذیب لدى ھذا الباحث أو ذاك . فالمعتز بمدركات عقلھ یرفض الحقیقة التي
تنص علیھا الكتب السماویة حول ھذا الموضوع ، والمنزلة على الأنبیاء والرسل علیھم
السلام ، والمفصلة بشكل أوضح وأكثر دقة في رسالة محمد خاتم النبیین ، الذي أكمل بھ الله
تعالى الدین وأتم بھ النعمة ، ونعمة التسلیم والفھم . أما المؤمن ، فنجد لھ روابط فكریة
بالأصول العلمیة الدینیة فإذا المسألة قد فك العلم الدیني عقدتھا وبت فیھا بقول ثابت . وبین
ھذا وذاك ، نجد بعض الباطنیین المنحرفین كالیوغیین والبوذیین یأخذون بمصنفات فكر
خاصة عن المادة الروحیة والأصالة الكونیة في ھیكل خلقي مختلف یرجعونھ إلى الله سبحانھ
وتعالى ، ومثلھم في ذلك ، الفراعنة الذین كانوا یرون أن أصل الإنسان إنما ھو أصل باطني
إلھي .
لنقارن مثلا بین ھذه الاتجاھات التفكیریة فنقول : إن الأھرام الفرعونیة مثلا لا تعطینا مع
ما تشملھ من دقائق ونقوش ورموز أي شيء عن حیاة موسى علیھ السلام أو ھارون أو
الخضر أو یوسف ، وكذلك الأمر بالنسبة لأنقاض روما العظیمة . إن ھذه الآثار لا تحكي
عن إرم ذات العماد التي شیدھا عاد ، ولا تفتح أمامنا صفحات قصة ھود علیھ السلام . وفي
ھذا السیاق ، فالذین یدرسون التاریخ الإنساني بالمنھج والأسلوب العقلانیین لم یدركوا شیئ ا
عن النبي شعیب وھم یكتبون عن ((مدوز)) وھي مدین ، ولا عن ((ود)) وھم یتحدثون عن بوذ ا
وھو نفس الشخص ، ولاعن الیكة حین تحدثوا عن الأنكا ، وغاب عنھم أن أصحاب الرس
ھم الھنود الحمر، وحین درسوا الآثار التي لا تزال قائمة بأوروبا والعائدة على ثمود لم
یتطرقوا لذكر النبي صالح علیھ السلام..الخ
لقد ترجم لنا الذین أرخوا للفراعنة ودرسوا الحضارة الفرعونیة وبحثوا فیھا ونقبوا ، م ا
توصلوا إلیھ فقالوا إن ھؤلاء الفراعنة كانوا یطلقون اسمي((سیت)) و((ھیروس)) على ابني آدم ،
غیر أنھم ذكروا ھذا في سیاق الحدیث عن إلھي الخیر والشر عند الفراعنة وكان ھذان
الاسمان لھذین الإلھین ، فكان عملھم معتمدا على وجھات نظر وثنیة ، ولا یمكن اعتبارھ ا
ذات صبغة تاریخیة علمیة مقبولة .
إن الأمم والشعوب خلفت – على ھذا المنوال – صفحات تاریخیة زائفة لا تمت للحقیقة
بصلة ، غذ اختلطت فیھا الفھوم الأسطوریة والوثنیة بالأحداث والحقائق فصعب الاعتماد
علیھا ظاھریا لاستخلاص الحقیقة الأصلیة ، وكان ھذا الزیف نتیجة ھیمنة شعور الاعتزاز
بالذات لدى ھذه الأمم ، وكذا انھماكھم الكل في فھمھم الوثني . أما التاریخ الذي یقدمھ الدین
الإسلامي – وھذا لم یروه بشر – فإنھ یظھر أولا ظاھرة الوثنیة من جانب خاص ، ویثبت
حقیقة الدین في كل عصر من العصور .
الإنسان غیر المتدین لم یسعھ أن یقترح تاریخا مقبولا باعتماده الوثنیة التي ھي مجرد
خرافة فكریة ، أو تاریخ رسالات الإلھ ، فلا ھذه ولا تلك ، فیكون قول ھذا الإنسان قولا زائف ا
نستدل علیھ بقول بعض العقلانیین : إن موسى علیھ السلام كان شاعرا عبرانیا وحد صفوف
بني إسرائیل بعد ثورتھ على الفراعنة(فأصبح شاعرا ثوریا)، وقولھم سفاھة : إن إبراھیم
علیھ السلام كان زعیم حزب .
إن بعض العرب(من الخاطئین) ینجرفون في فھمھم للتاریخ نحو الضلالة إذ یحاولون أن
یبحثوا في أصل عاد وثمود ھادفین إلى إثبات صلة لھم بالعرب الأوائل وبأرض شبھ الجزیرة
العربیة ، وكأنھم بذلك یحاولون إثبات أن العرب ذوو ماض عریق وسلالة تضرب جذورھ ا
في القدم! وھل بمثل قوم عاد وثمود یصح للعرب والمسلمین أن یعتزوا وإلى مثلھم یستحق
أن ینسبوا !؟
إن من لا یفرق بین الأجناس البشریة یقع في ھذا النوع من الخلط ، فیقول مثلا(وقد قیل
ذلك) إن إبراھیم علیھ السلام یھودي أو نصراني ، ناسیا أن إبراھیم لم یكن كذلك قط ، وأن
أبتھ نفسھ لم یكن حنیفیا ، فالأمر ھنا إذن لا علاقة لھ بالعرق أو النسب ، وفضلا عن ذلك فالله
سبحانھ جعل لكل أمة لسانا وكتابا أو رسالة أو وصایا...
إن تفكیر وتحلیل المشرك أو الملحد أو العقلاني ، حسب ما یحلو للناس أن یطلقوا علیھ من
أسام ، لا یمكن أن یأتینا أبدا بأیة حقیقة لتاریخ حقیقي ، وإلا فكیف یعقل أن یفعل ذلك من
یقول مثلا إن عیسى ابن الله !؟
یقول صاحبا كتاب((قصص الأنبیاء)) : والكتاب أخذت موضوعاتھ من علم الباطن على
غرار باقي كتب المجموعة - : ((إذا ما ذكر آدم عليه السلام ، ذكر مشكل التكوين البشري . ومثل
آدم عليه السلام ، مثل يضل به الكثير ويھتدي من شاء له الله الھدى ، فالكافر ينكر وجود آدم ، وقد
يؤمن الكافر بوجوده ، وإيمانه مشوب بالشرك والضلالة ، فيذكر آدم عليه السلام كإله للشمس ينبوع
الحياة ، وأصل للروح الممتدة ، وھو رع ، وھو الشيء الأزلي قبل الأشياء ، والشيء العدمي الموجود
في الوجود )) .
لقد أعطي لآدم علیھ السلام رمز الشمس(في ھذا المفھوم الوثني) ولحواء رمز القمر،
ولذریتھما رمز النجوم ، وللحیاة رمز الأرض ، وللروح رمز السماء ، وللقوة رمز الماء ،
وللسر الكوني رمز النار. ولما كان رمز الشمس في الأرض ھو النار، ورمز القمر ھو
الماء ، فقد أصبح الأول رمزا لآدم ، والثاني رمزا لحواء(النار والماء).
لقد كان الرمز الكوني في ھذا الفھم الوثني ھو البشر، وكان الخلق البشري إلھیا خالدا في
الخلود . ولما كان یرمز إلى ذریة آدم بالنجوم فقد عكف عاد وثمود عند ظھورھما على
تقدیس زحل، وما زحل ھذا سوى رجل ، وتقدیس الزھرة ، التي ما كانت سوى امرأة(فالفھم
الوثني یرجع دائما إلى الرمز الأول إذ سمي آدم بزحل وحواء بالزھرة) وأطلق على عاد اسم
((أمون)) وعلى ثمود اسم((رع)) وكان المعبود ھذه المرة ھي النار. وقد كانت ھذه النار رمز ا
للوجود كلھ عند القاتل من ابني آدم كما سبق الذكر .
إن المفكر العلماني أو الملحد حین یفكر في آدم فإنھ یستعرض قضیة التكوین الخلقي التي
یراقبھا بعینھ أو تحت مجھره ویرصد مراحلھا بآلاتھ ومعداتھ ، ویحاول من خلال ذلك أن
یضع تصورا – ویظل ھذا مجرد تصور – لما یحتمل أن تكون علیھ الخلقة الأولى للإنسان .
تابع ......