شيخ الأسرار الباطنية
28-01-2012, 15:14
رمح الإسلام الخضر عليه السلام
كثیرا ما یطرق أذن المرء وسمعھ ذكر اسم الخضر (علیھ السلام) كشخص ظاھره یتصل
بالإنسان في حالات معینة لیعطیھ علما ، أو لیحل معضلة مستعصیة الفھم في الدین ، أو
لیزكي عملا من الأعمال ، أو لیقضي باجتناب مسلك من المسالك .
وقد تناقلت أعداد كثیرة من المخطوطات والأسفار أخبار ھذا((الشخص الظاھرة)) وأخبار
علمھ الغزیر الذي لا یعرف الحدود ، وقدرتھ الخارقة على طي الزمان والمكان وتخطي
الحواجز الحقیقیة والصوریة مما یدفع على الاعتقاد بأنھ وجد لتأدیة عمل لا ككل الأعمال ،
وللاضطلاع بوظیفة لیست ككل الوظائف بل لا یشبھھا عمل ولا وظیفة . فمن ھو ھذ ا
الخضر علیھ أزكى السلام؟
إن الله سبحانھ وتعالى قدر الموت والحیاة وجعلھما للناس كافة لیبلوھم أیھم أحسن عملا .
فكان أمر الله في قدره أن كل نفس ذائقة الموت ، وأن لا خلود لأي بشر فوق الأرض ، وأن
لا جدوى من البحث عن الملك أو السیطرة أو الخلود لأن ذلك لا یجر طالبھ سوى للشرك وقد
أكد الله سبحانھ في كتابھ العزیز أن من یرید أن یعمر في الأرض فلن یزحزحھ ذلك - إذ ا
أدركھ - عن العذاب . ولم یصل أحد من الراغبین في الخلود فوق الأرض إلى یوم البعث
سوى إبلیس ، الذي أنذره الرحمن إلى یوم الدین ،ومع ذلك فحیاتھ فوق الأرض لیست خلودا،
وإنما خلوده في جھنم بعد یوم الحساب ، ولھذا فلن تخلو القدرة الإلیھة من إمكانیة منح دوام
الحیاة فوق الأرض لعبد آخر من عباد الله إلى یوم البعث ، كملازم لما یجري بین الناس ،
وشاھد على أفعال ھؤلاء بأنفسھم وبدینھم ، ویكون ھذا العبد متوفرا على علم من لدن الخالق
سبحانھ وحكمة ، فیكون ، بعكس إبلیس وضدا علیھ ، عونا للمؤمن آخذا بیده إلى بر الأمان ،
مشیرا علیھ بمسالك الصواب منبھا إیاه إلى مزالق الخطأ متى آنس المؤمن في نفسھ الرغبة
في ذلك ومتى سعي في طلبھ ، أو متى اقتضت المشیئة الإلھیة حدوثھ .
إن المسلم یؤمن لا محالة بوجود إبلیس وسعیھ بین الناس بالشر ، أولئك الذین یراھم دون
أن یروه ھو وعشیرتھ ، كما یصدق بإخفاء الله سبحانھ الجن عن أعیننا ، ویمنعھ جلت قدرتھ
عن ظھوره لبعضنا إلى أن یقضي أمرا كان مفعولا . وعندما یطرح ھذا المؤمن احتمالا
لإمكانیة وجود حیاة فوق الأرض إلى یوم القیامة ، فإن ھذه الحیاة لا یمكن أن تكون سوى
لعبد من عباد الله أتاه الله من لدنھ علما ، ظھر ذكره وورد في آیات كثیرة من القرآن الكریم
دونما إشارة إلى أي اسم لھ ، وھو من عرف باسم ((الخضر علیھ السلام)) لاعتبارات سیأتي
ذكرھا فیما بعد .
إن سعي الناس لشتى ، وإن منھم من یعبد الله ویؤمن بھ وما ھو بمؤمن ، ومنھم من یسلم
وجھھ لله یؤدي فرائض دینھ دون فھم منھ لأسرار ھذه الفرائض ولمغزى ھذا الدین ، ودون
محاولة لإدراك حقیقة عبودیتھ ھو وحقیقة ألوھیة خالقھ الحق ، فلا تفكیر لدیھم في الإیمان ،
ولا تأمل في خلق السماوات والأرض ، بل منھم من ینكر قدرة الله فیما ھو ممكن في سیاق
قدرتھ . إن بین الناس من یرى أفعال الله سبحانھ وتجلیات قدرتھ ولا ینكر أو یشك في إمكانیة
خلقھ سبحانھ لقرائن للإنسان وتقییضھا لھ إلى یوم القیامة ، فلماذا لا یرى بالمقابل جعلھ
لملاك أو غیره ممن یقف في الجانب الآخر لیفسد على الشیطان القرین محاولاتھ في الإغواء
والكید ، ولیرشد العبد المؤمن إلى ما یجب الأخذ بھ من مواقف الصواب حین یلقي ھذ ا
الشیطان القرین غدره وتغریره ومكره ؟
إن الله تعالى لم یكن بعزیز علیھ أن یرسل ملائكة في ھیئة بشر لیكونوا شھداء على
الناس ، وقد أشار سبحانھ إلى ھذا الاحتمال في غیر ما آیة ، فلماذا لا یكون ھذا الشیخ
المستخفي ذو اللباس الأخضر والملقب بالخضر ھو إمام ھؤلاء الشھود؟
إن على المؤمن المسلم بقدرة الله تعالى ألا یكون إیمانھ مجردا من الإیمان بالغیب بواسطة
علم یسعى في طلبھ لھذا الغرض ، وشخص الخضر قائم في الباطن الكوني لتحقیق ھذه
الغایة ، ویراه الكثیرون من أصحاب الخلوة ، فیختلط الأمر على المتصلین بالباطن من
المنحرفین ، ویأخذ بالنسبة للمتصلین بالباطن الحقیقي شكل وسیلة ثابتة لتحقیق علم دیني
تتجلى بھ مواقع الخطأ والصواب في مباشرة العبد لمقتضیات دینھ وتعاملھ مع الخالق ومع
النفس ومع الغیر .
إن المتدین لا یمكنھ اعتبار وجود الخضر علیھ السلام أسطورة أو خرافة ، لأن إمكانیة
ذلك مطروحة في كتاب الله ، الذي ذكر أن لھ عبادا أولي بأس یجوسون خلال الدیار ، وأنھ
قادر على أن یبعث على الناس من یسومونھم سوء العذاب إلى یوم القیامة حین یكثر الفساد
في الأرض ، وما أكثره الیوم .
ھذه الإمكانیة لا جدال فیھا من وجھة النظر الدینیة الصرفة ، ورغم ذلك فالمسلم یرغب
دوما في معرفة الشخص المعني ، فیسأل عن أصلھ ویستفسر عن شكلھ وعن قدراتھ وقوتھ
وعلمھ...إن الخضر لم یكن لھ اسم في كتاب الله العزیز وتسمیتھ ھذه نابعة - كما سبق أن قلنا-
من إلقاء طالبي العلم الدیني في تجوالھم بالباطن برجل لدیھ علم من الكتاب یرتدي رداء
أخضر ، كما أتى اسمھ ھذا على ید إسرائیل لما شاھدوا في عھد فرعون ظھور نجم أخضر
الضوء لم یكن لھم بھ عھد من قبل ، وصادف ھذا النجم میلاد موسى علیھ السلام ونبوتھ
وظھور الرجل الذي كان یحمل علما فوق علمھ .
ویحكي الكاتبان ما أخذه عن نفس الشخص في اتصالھما بھ على مستوى الدرجة الثامنة من
الباطن الحقیقي وبخصوص قصة ظھوره فیكتبان :
((للخضر قصة وجوده بين الناس كشاھد مرشد للصواب ، فبعد الطوفان بخمس سنين ، ظھر بين الناس
شيخ تكلف إمامة سبعين رجلا ، وجاء((رع)) كإمام في الكفر فقتل السبعين رجلا ، ثم اختار موسى عليه
السلام من قومه سبعين رجلا لميقات الله ، فكان لقاء الخضر بموسى برھانا لقيمة في الدين )) .
ویزید الباحثان : فیكتبان أن كل باحث في العلوم الباطنیة إلا وصلة فھمھ الأولى لھا علاقة
بالخضر علیھ السلام . فالباطن كعالم موجود نعرفھ بدایة بالخیال والحلم ، ولأن الخیال
والحلم یمكننا متى شئنا أن نغیر صورتھما حسب اتجاھات تفكیرنا ، فإن الدرجة الأولى
للباطن (وتأتي بعدھما) بخلاف ذلك ، تشتمل على صور ثابتة لا یستطیع الإنسان أن یزیحھ ا
بتفكیره كما یفعل مع الخیال أو صورة الأحلام ، وتلك ھي بدایة الباطن الحقیقي . ویتأكد
المتصل من ھذا الأمر عندما یبدأ یسمع صوت شخص یتحدث إلیھ كأنھ بجانبھ ثم یراه بعد
ذلك بوضوح فیعرف ملامحھ ، وذاك ھو الخضر ، وھو في ھذه البدایة یمثل وسیلة للدخول
إلى عالم أبعد من الخیال .
إن حقیقة ظھور الخضر لھا سبب أول یجملھ كتاب((رمح الإسلام)) فیما یلي : ((إن الباحث
في القوى الطبيعية وصلتھا بالعقل يتصل بجھل بما منع عن لإنسان من أسباب شرك تتم بقوى
الظلمات ، فيكون ظھور الخضر منعا لذلك الاتصال . فيمنع عنه المسلم ، ويحجز الكافر في الباطن
الخيالي الثالث ، لتكون له صلة بالملكين ھاروت وماروت)) .
إن معنى ھذا أن الباحثین في الباطن یسھل على الخضر أن یعرفھم – بما أوتي من علم
من لدن الله سبحانھ – فیما إذا كانوا من المتصلین أو المنحرفین ،(وھو الذي قتل الصبي أمام
نظر موسى علیھ السلام وقد كان یعلم مسبقا أنھ صبي كافر) فیأخذ بید المؤمن المصیب
الباحث عن العلم الدیني الثابت ، ویتخطى بھ حواجز الخیال الأول والثاني ، بینما یزج
بالمنحرف المشرك إلى غیاھب العالم الخیالي الثالث حیث یتم لھ الاتصال بھاروت وماروت
الموجودین بأرض بابل في قواھا الأولى ، فیأخذ عنھما ما جاء یطلبھ أصلا من فنون السحر
وعلومھ وھو یعلم أن ذلك فتنة كما یؤكد لھ الملكان .
قراءة في كتب دار الاعماق
تابع
كثیرا ما یطرق أذن المرء وسمعھ ذكر اسم الخضر (علیھ السلام) كشخص ظاھره یتصل
بالإنسان في حالات معینة لیعطیھ علما ، أو لیحل معضلة مستعصیة الفھم في الدین ، أو
لیزكي عملا من الأعمال ، أو لیقضي باجتناب مسلك من المسالك .
وقد تناقلت أعداد كثیرة من المخطوطات والأسفار أخبار ھذا((الشخص الظاھرة)) وأخبار
علمھ الغزیر الذي لا یعرف الحدود ، وقدرتھ الخارقة على طي الزمان والمكان وتخطي
الحواجز الحقیقیة والصوریة مما یدفع على الاعتقاد بأنھ وجد لتأدیة عمل لا ككل الأعمال ،
وللاضطلاع بوظیفة لیست ككل الوظائف بل لا یشبھھا عمل ولا وظیفة . فمن ھو ھذ ا
الخضر علیھ أزكى السلام؟
إن الله سبحانھ وتعالى قدر الموت والحیاة وجعلھما للناس كافة لیبلوھم أیھم أحسن عملا .
فكان أمر الله في قدره أن كل نفس ذائقة الموت ، وأن لا خلود لأي بشر فوق الأرض ، وأن
لا جدوى من البحث عن الملك أو السیطرة أو الخلود لأن ذلك لا یجر طالبھ سوى للشرك وقد
أكد الله سبحانھ في كتابھ العزیز أن من یرید أن یعمر في الأرض فلن یزحزحھ ذلك - إذ ا
أدركھ - عن العذاب . ولم یصل أحد من الراغبین في الخلود فوق الأرض إلى یوم البعث
سوى إبلیس ، الذي أنذره الرحمن إلى یوم الدین ،ومع ذلك فحیاتھ فوق الأرض لیست خلودا،
وإنما خلوده في جھنم بعد یوم الحساب ، ولھذا فلن تخلو القدرة الإلیھة من إمكانیة منح دوام
الحیاة فوق الأرض لعبد آخر من عباد الله إلى یوم البعث ، كملازم لما یجري بین الناس ،
وشاھد على أفعال ھؤلاء بأنفسھم وبدینھم ، ویكون ھذا العبد متوفرا على علم من لدن الخالق
سبحانھ وحكمة ، فیكون ، بعكس إبلیس وضدا علیھ ، عونا للمؤمن آخذا بیده إلى بر الأمان ،
مشیرا علیھ بمسالك الصواب منبھا إیاه إلى مزالق الخطأ متى آنس المؤمن في نفسھ الرغبة
في ذلك ومتى سعي في طلبھ ، أو متى اقتضت المشیئة الإلھیة حدوثھ .
إن المسلم یؤمن لا محالة بوجود إبلیس وسعیھ بین الناس بالشر ، أولئك الذین یراھم دون
أن یروه ھو وعشیرتھ ، كما یصدق بإخفاء الله سبحانھ الجن عن أعیننا ، ویمنعھ جلت قدرتھ
عن ظھوره لبعضنا إلى أن یقضي أمرا كان مفعولا . وعندما یطرح ھذا المؤمن احتمالا
لإمكانیة وجود حیاة فوق الأرض إلى یوم القیامة ، فإن ھذه الحیاة لا یمكن أن تكون سوى
لعبد من عباد الله أتاه الله من لدنھ علما ، ظھر ذكره وورد في آیات كثیرة من القرآن الكریم
دونما إشارة إلى أي اسم لھ ، وھو من عرف باسم ((الخضر علیھ السلام)) لاعتبارات سیأتي
ذكرھا فیما بعد .
إن سعي الناس لشتى ، وإن منھم من یعبد الله ویؤمن بھ وما ھو بمؤمن ، ومنھم من یسلم
وجھھ لله یؤدي فرائض دینھ دون فھم منھ لأسرار ھذه الفرائض ولمغزى ھذا الدین ، ودون
محاولة لإدراك حقیقة عبودیتھ ھو وحقیقة ألوھیة خالقھ الحق ، فلا تفكیر لدیھم في الإیمان ،
ولا تأمل في خلق السماوات والأرض ، بل منھم من ینكر قدرة الله فیما ھو ممكن في سیاق
قدرتھ . إن بین الناس من یرى أفعال الله سبحانھ وتجلیات قدرتھ ولا ینكر أو یشك في إمكانیة
خلقھ سبحانھ لقرائن للإنسان وتقییضھا لھ إلى یوم القیامة ، فلماذا لا یرى بالمقابل جعلھ
لملاك أو غیره ممن یقف في الجانب الآخر لیفسد على الشیطان القرین محاولاتھ في الإغواء
والكید ، ولیرشد العبد المؤمن إلى ما یجب الأخذ بھ من مواقف الصواب حین یلقي ھذ ا
الشیطان القرین غدره وتغریره ومكره ؟
إن الله تعالى لم یكن بعزیز علیھ أن یرسل ملائكة في ھیئة بشر لیكونوا شھداء على
الناس ، وقد أشار سبحانھ إلى ھذا الاحتمال في غیر ما آیة ، فلماذا لا یكون ھذا الشیخ
المستخفي ذو اللباس الأخضر والملقب بالخضر ھو إمام ھؤلاء الشھود؟
إن على المؤمن المسلم بقدرة الله تعالى ألا یكون إیمانھ مجردا من الإیمان بالغیب بواسطة
علم یسعى في طلبھ لھذا الغرض ، وشخص الخضر قائم في الباطن الكوني لتحقیق ھذه
الغایة ، ویراه الكثیرون من أصحاب الخلوة ، فیختلط الأمر على المتصلین بالباطن من
المنحرفین ، ویأخذ بالنسبة للمتصلین بالباطن الحقیقي شكل وسیلة ثابتة لتحقیق علم دیني
تتجلى بھ مواقع الخطأ والصواب في مباشرة العبد لمقتضیات دینھ وتعاملھ مع الخالق ومع
النفس ومع الغیر .
إن المتدین لا یمكنھ اعتبار وجود الخضر علیھ السلام أسطورة أو خرافة ، لأن إمكانیة
ذلك مطروحة في كتاب الله ، الذي ذكر أن لھ عبادا أولي بأس یجوسون خلال الدیار ، وأنھ
قادر على أن یبعث على الناس من یسومونھم سوء العذاب إلى یوم القیامة حین یكثر الفساد
في الأرض ، وما أكثره الیوم .
ھذه الإمكانیة لا جدال فیھا من وجھة النظر الدینیة الصرفة ، ورغم ذلك فالمسلم یرغب
دوما في معرفة الشخص المعني ، فیسأل عن أصلھ ویستفسر عن شكلھ وعن قدراتھ وقوتھ
وعلمھ...إن الخضر لم یكن لھ اسم في كتاب الله العزیز وتسمیتھ ھذه نابعة - كما سبق أن قلنا-
من إلقاء طالبي العلم الدیني في تجوالھم بالباطن برجل لدیھ علم من الكتاب یرتدي رداء
أخضر ، كما أتى اسمھ ھذا على ید إسرائیل لما شاھدوا في عھد فرعون ظھور نجم أخضر
الضوء لم یكن لھم بھ عھد من قبل ، وصادف ھذا النجم میلاد موسى علیھ السلام ونبوتھ
وظھور الرجل الذي كان یحمل علما فوق علمھ .
ویحكي الكاتبان ما أخذه عن نفس الشخص في اتصالھما بھ على مستوى الدرجة الثامنة من
الباطن الحقیقي وبخصوص قصة ظھوره فیكتبان :
((للخضر قصة وجوده بين الناس كشاھد مرشد للصواب ، فبعد الطوفان بخمس سنين ، ظھر بين الناس
شيخ تكلف إمامة سبعين رجلا ، وجاء((رع)) كإمام في الكفر فقتل السبعين رجلا ، ثم اختار موسى عليه
السلام من قومه سبعين رجلا لميقات الله ، فكان لقاء الخضر بموسى برھانا لقيمة في الدين )) .
ویزید الباحثان : فیكتبان أن كل باحث في العلوم الباطنیة إلا وصلة فھمھ الأولى لھا علاقة
بالخضر علیھ السلام . فالباطن كعالم موجود نعرفھ بدایة بالخیال والحلم ، ولأن الخیال
والحلم یمكننا متى شئنا أن نغیر صورتھما حسب اتجاھات تفكیرنا ، فإن الدرجة الأولى
للباطن (وتأتي بعدھما) بخلاف ذلك ، تشتمل على صور ثابتة لا یستطیع الإنسان أن یزیحھ ا
بتفكیره كما یفعل مع الخیال أو صورة الأحلام ، وتلك ھي بدایة الباطن الحقیقي . ویتأكد
المتصل من ھذا الأمر عندما یبدأ یسمع صوت شخص یتحدث إلیھ كأنھ بجانبھ ثم یراه بعد
ذلك بوضوح فیعرف ملامحھ ، وذاك ھو الخضر ، وھو في ھذه البدایة یمثل وسیلة للدخول
إلى عالم أبعد من الخیال .
إن حقیقة ظھور الخضر لھا سبب أول یجملھ كتاب((رمح الإسلام)) فیما یلي : ((إن الباحث
في القوى الطبيعية وصلتھا بالعقل يتصل بجھل بما منع عن لإنسان من أسباب شرك تتم بقوى
الظلمات ، فيكون ظھور الخضر منعا لذلك الاتصال . فيمنع عنه المسلم ، ويحجز الكافر في الباطن
الخيالي الثالث ، لتكون له صلة بالملكين ھاروت وماروت)) .
إن معنى ھذا أن الباحثین في الباطن یسھل على الخضر أن یعرفھم – بما أوتي من علم
من لدن الله سبحانھ – فیما إذا كانوا من المتصلین أو المنحرفین ،(وھو الذي قتل الصبي أمام
نظر موسى علیھ السلام وقد كان یعلم مسبقا أنھ صبي كافر) فیأخذ بید المؤمن المصیب
الباحث عن العلم الدیني الثابت ، ویتخطى بھ حواجز الخیال الأول والثاني ، بینما یزج
بالمنحرف المشرك إلى غیاھب العالم الخیالي الثالث حیث یتم لھ الاتصال بھاروت وماروت
الموجودین بأرض بابل في قواھا الأولى ، فیأخذ عنھما ما جاء یطلبھ أصلا من فنون السحر
وعلومھ وھو یعلم أن ذلك فتنة كما یؤكد لھ الملكان .
قراءة في كتب دار الاعماق
تابع