أميرة الاسرار
20-08-2011, 20:56
http://4.shia4up.net/images/3hnh.gif (http://4.shia4up.net/images/3hnh.gif)
اللهم صلّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
مع الدعاء في شهر رمضان ( فلسفته وعلاقته بالحياة )
http://www.balagh.com/portal/images/stories/ramadan/ramadan2.jpg (http://www.balagh.com/portal/images/stories/ramadan/ramadan2.jpg)
في شهر رمضان، نلتقي بالدعاء كأحد شعائر العبادة التي أرادها الإسلام- في هذا الشهر- لنشارك في خلق الأجواء الروحية التي يبني فيها الإنسان شخصيته بين يدي الله
وقد كان الدعاء- في شرائع السماء القديمة- صلاة المؤمنين، تربطهم بالله من دون أن يصاحبها شيء مما تعارفنا عليه الآن، حتى ارتبطت كلمة الصلاة بمفهومه في اللغة العربية
ولسنا هنا لنؤرخ للدعاء أو لنبحث مواسمه، بل نحن هنا في محاولة سريعة للتعرف على فلسفته من جهة، وعلاقته بحياتنا من جهة أخرى، لنخرج من كل ذلك بالفكرة التي تربط العبادة بالحياة عندما تربط الحياة بالله
في بداية الحديث عن فلسفة الدعاء نجد انه يلبي في الإنسان حاجات طبيعية ذاتية، كما يستجيب لدوافع تربوية وإيمانية، وهذا ما سنراه في ما يأتي من حديث
- الحاجة الطبيعية
ان الدعاء حاجة ذاتية طبيعية للإنسان المؤمن بالله، يحس بها في داخله تماماً كما يحس بلذعة الجوع عند حاجته إلى الطعام، وحرارة العطش عند حاجته إلى الماء، فهو جوع الإنسان للحنان وللسلام الذي يملأ قلبه بالحياة وروحه بالنور
فهناك حالات يشعر الإنسان فيها- أمام قسوة الحياة، وضغط المشاكل وتراكم الأزمات الداخلية والخارجية- أنه بحاجة إلى التعبير عن الآلام التي تمزق ذاته، والمشاعر التي تجيش في نفسه، من دون أن يجرح كبرياءه أو يهدر كرامته
وهنا يأتي دور الدعاء الذي يسمح للإنسان بأن يتنفس بكرامة ومحبة وللروح أن تنطلق بعزة وحنان، فيفتح قلب الإنسان على ربه، وينطلق بروحه إلى الله حيث السلام والطمأنينة، والحياة الوادعة الرضية المطمئنة التي تجعل الإنسان يغفو على هدهدات الأمل، عبر لفتات الرحمة، ونبضات الرضوان
ان الإنسان يتحول- أنذاك- إلى طفل في روحه؛ يعيش طفولة الروح بكل بساطتها وصفائها وعفويتها، عندما يجلس بين يدي الله في إيمان محبب وديع واثق بالفوز، مطمئن للفرج
انه يبكي ويشكو ويتألم، ويطلب ويستعطف، ويلح في الطلب والاستعطاف، ويمارس شتى الأساليب التي تمثل مظهر الضعف في الإنسان. ولكنه- مع ذلك- يبقى يحس بلذة هذا الضعف الذي يربطه بمصدر القوة المطلقة، ليستمد منه القوة على مواجهة عقبات الحياة
انه ضعف المخلوق أمام خالقه، الضعف الوحيد الذي يشعر معه الضعيف بالاعتزاز، والزهو بضعفه عندما يقف أمام القوي
وهكذا كان الدعاء، عامل تجديد لقوة الحياة في الإنسان، لئلا يختنق بين قسوة مشاكله وضغط كبريائه، فيتحول إلى إنسان منهار أو معقد
- الاعتراف الايجابي
قد يستسلم الإنسان في حياته إلى رغبة ملحة تضغط عليه، وتدفعه تحت عبء الضمير المثقل إلى الإعتراف بنواياه السيئة، وأفعاله الشريرة، وخططه الشيطانية وتجاه نفسه وتجاه الآخرين كوسيلة من وسائل تجسيد الإحساس بالذنب في داخل النفس، ليتعاظم بذلك الشعور بالندم
وهنا يقف الإنسان بين الإعتراف للخالق، وبين الإعتراف للمخلوق
ويأتي دور الدعاء ليحقق للإنسان اختيار الاعتراف لله لعدة أسباب
أ- انه باعترافه لله لا يكشف سره لأحد؛ فهو مع الله مكشوف بكل أعماله ونواياه، فلا يزيده الاعتراف انكشافاً أمام من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، بينما يمثل الإعتراف للمخلوقين انسحاق شخصيته أمام افتضاح سره
ب- ان الغاية من الإعتراف هي الوصول إلى تصحيح الخطأ وفتح صفحة جديدة، وهذا ما يكفله الدعاء الذي يمثل الإعتراف لله الذي هو الملاذ والمرجع للمغفرة والعفو والرضوان. أما الإنسان- أي إنسان كان- فلا يملك أي شيء من هذا، حتى الأنبياء والأوصياء الذين لا يملكون الشفاعة إلا لمن ارتضى الله، ولهذا فلا يحقق الإعتراف للإنسان أي هدف
ج- انه باعترافه لله أقدر على تحليل ذاته، ودوافعه، وتفصيل أعماله وأحواله، بكل جوانبها ومظاهرها، لأنه يشعر بحرية الإعتراف بعيداً عن الملابسات الذاتية والإجتماعية، بينما يشعر الإنسان أمام الإنسان الآخر بكثير من الملابسات التي تحول بينه وبين الافاضة بكل شيء، مما قد لا يتحمل الآخر سماعه أو لا يرضى المعترف بإظهاره لأحد
د- تحقيق عملية النقد الذاتي بشكل أفضل، فالإنسان يشعر- مع الدعاء- بأن إرادة التغيير نابعة من داخل الذات، لا من ضغوطات خارجية تمارس المواعظ والنصائح والتهديدات
ان الدعاء يوحي للإنسان أنه هو- وحده- يريد أن ينقد ذاته ليغيرها إلى الأفضل
وهذا ما يجعل المهمة أكثر انسجاماً مع النفس وأكثر التقاءً بالأهداف
وقد حفلت الأدعية المأثورة عن أئمة المسلمين بالكثير من أساليب الاعتراف التي يبرز فيها الإنسان بكل جرائمه وشروره وخطاياه أمام الله، في محاولة للإنطلاق منها إلى عالم من الفضيلة جديد
أما الجانب الثاني من الحديث، وهو علاقة الدعاء بحياتنا العامة والخاصة، فنستطيع أن نفهمه إذا استعرضنا لمحة من الأدعية المأثورة، لنرى كيف ساهمت بالإيحاء بالمعاني الخيرة، والخروج بالدعاء عن أن يكون مجرد عبادة روحية خالصة لا ترتبط بالحياة من قريب أو بعيد، إلى عبادة تحاول أن تجعل من أجواء الروح طريقاً لتهذيب أجواء المادة
يتبع
http://4.shia4up.net/images/3hnh.gif (http://4.shia4up.net/images/3hnh.gif)
اللهم صلّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
مع الدعاء في شهر رمضان ( فلسفته وعلاقته بالحياة )
http://www.balagh.com/portal/images/stories/ramadan/ramadan2.jpg (http://www.balagh.com/portal/images/stories/ramadan/ramadan2.jpg)
في شهر رمضان، نلتقي بالدعاء كأحد شعائر العبادة التي أرادها الإسلام- في هذا الشهر- لنشارك في خلق الأجواء الروحية التي يبني فيها الإنسان شخصيته بين يدي الله
وقد كان الدعاء- في شرائع السماء القديمة- صلاة المؤمنين، تربطهم بالله من دون أن يصاحبها شيء مما تعارفنا عليه الآن، حتى ارتبطت كلمة الصلاة بمفهومه في اللغة العربية
ولسنا هنا لنؤرخ للدعاء أو لنبحث مواسمه، بل نحن هنا في محاولة سريعة للتعرف على فلسفته من جهة، وعلاقته بحياتنا من جهة أخرى، لنخرج من كل ذلك بالفكرة التي تربط العبادة بالحياة عندما تربط الحياة بالله
في بداية الحديث عن فلسفة الدعاء نجد انه يلبي في الإنسان حاجات طبيعية ذاتية، كما يستجيب لدوافع تربوية وإيمانية، وهذا ما سنراه في ما يأتي من حديث
- الحاجة الطبيعية
ان الدعاء حاجة ذاتية طبيعية للإنسان المؤمن بالله، يحس بها في داخله تماماً كما يحس بلذعة الجوع عند حاجته إلى الطعام، وحرارة العطش عند حاجته إلى الماء، فهو جوع الإنسان للحنان وللسلام الذي يملأ قلبه بالحياة وروحه بالنور
فهناك حالات يشعر الإنسان فيها- أمام قسوة الحياة، وضغط المشاكل وتراكم الأزمات الداخلية والخارجية- أنه بحاجة إلى التعبير عن الآلام التي تمزق ذاته، والمشاعر التي تجيش في نفسه، من دون أن يجرح كبرياءه أو يهدر كرامته
وهنا يأتي دور الدعاء الذي يسمح للإنسان بأن يتنفس بكرامة ومحبة وللروح أن تنطلق بعزة وحنان، فيفتح قلب الإنسان على ربه، وينطلق بروحه إلى الله حيث السلام والطمأنينة، والحياة الوادعة الرضية المطمئنة التي تجعل الإنسان يغفو على هدهدات الأمل، عبر لفتات الرحمة، ونبضات الرضوان
ان الإنسان يتحول- أنذاك- إلى طفل في روحه؛ يعيش طفولة الروح بكل بساطتها وصفائها وعفويتها، عندما يجلس بين يدي الله في إيمان محبب وديع واثق بالفوز، مطمئن للفرج
انه يبكي ويشكو ويتألم، ويطلب ويستعطف، ويلح في الطلب والاستعطاف، ويمارس شتى الأساليب التي تمثل مظهر الضعف في الإنسان. ولكنه- مع ذلك- يبقى يحس بلذة هذا الضعف الذي يربطه بمصدر القوة المطلقة، ليستمد منه القوة على مواجهة عقبات الحياة
انه ضعف المخلوق أمام خالقه، الضعف الوحيد الذي يشعر معه الضعيف بالاعتزاز، والزهو بضعفه عندما يقف أمام القوي
وهكذا كان الدعاء، عامل تجديد لقوة الحياة في الإنسان، لئلا يختنق بين قسوة مشاكله وضغط كبريائه، فيتحول إلى إنسان منهار أو معقد
- الاعتراف الايجابي
قد يستسلم الإنسان في حياته إلى رغبة ملحة تضغط عليه، وتدفعه تحت عبء الضمير المثقل إلى الإعتراف بنواياه السيئة، وأفعاله الشريرة، وخططه الشيطانية وتجاه نفسه وتجاه الآخرين كوسيلة من وسائل تجسيد الإحساس بالذنب في داخل النفس، ليتعاظم بذلك الشعور بالندم
وهنا يقف الإنسان بين الإعتراف للخالق، وبين الإعتراف للمخلوق
ويأتي دور الدعاء ليحقق للإنسان اختيار الاعتراف لله لعدة أسباب
أ- انه باعترافه لله لا يكشف سره لأحد؛ فهو مع الله مكشوف بكل أعماله ونواياه، فلا يزيده الاعتراف انكشافاً أمام من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، بينما يمثل الإعتراف للمخلوقين انسحاق شخصيته أمام افتضاح سره
ب- ان الغاية من الإعتراف هي الوصول إلى تصحيح الخطأ وفتح صفحة جديدة، وهذا ما يكفله الدعاء الذي يمثل الإعتراف لله الذي هو الملاذ والمرجع للمغفرة والعفو والرضوان. أما الإنسان- أي إنسان كان- فلا يملك أي شيء من هذا، حتى الأنبياء والأوصياء الذين لا يملكون الشفاعة إلا لمن ارتضى الله، ولهذا فلا يحقق الإعتراف للإنسان أي هدف
ج- انه باعترافه لله أقدر على تحليل ذاته، ودوافعه، وتفصيل أعماله وأحواله، بكل جوانبها ومظاهرها، لأنه يشعر بحرية الإعتراف بعيداً عن الملابسات الذاتية والإجتماعية، بينما يشعر الإنسان أمام الإنسان الآخر بكثير من الملابسات التي تحول بينه وبين الافاضة بكل شيء، مما قد لا يتحمل الآخر سماعه أو لا يرضى المعترف بإظهاره لأحد
د- تحقيق عملية النقد الذاتي بشكل أفضل، فالإنسان يشعر- مع الدعاء- بأن إرادة التغيير نابعة من داخل الذات، لا من ضغوطات خارجية تمارس المواعظ والنصائح والتهديدات
ان الدعاء يوحي للإنسان أنه هو- وحده- يريد أن ينقد ذاته ليغيرها إلى الأفضل
وهذا ما يجعل المهمة أكثر انسجاماً مع النفس وأكثر التقاءً بالأهداف
وقد حفلت الأدعية المأثورة عن أئمة المسلمين بالكثير من أساليب الاعتراف التي يبرز فيها الإنسان بكل جرائمه وشروره وخطاياه أمام الله، في محاولة للإنطلاق منها إلى عالم من الفضيلة جديد
أما الجانب الثاني من الحديث، وهو علاقة الدعاء بحياتنا العامة والخاصة، فنستطيع أن نفهمه إذا استعرضنا لمحة من الأدعية المأثورة، لنرى كيف ساهمت بالإيحاء بالمعاني الخيرة، والخروج بالدعاء عن أن يكون مجرد عبادة روحية خالصة لا ترتبط بالحياة من قريب أو بعيد، إلى عبادة تحاول أن تجعل من أجواء الروح طريقاً لتهذيب أجواء المادة
يتبع
http://4.shia4up.net/images/3hnh.gif (http://4.shia4up.net/images/3hnh.gif)