شيخ الأسرار الباطنية
08-05-2021, 10:28
أوشو قد لا يعرفه الكثير من أدبائنا ، ولا يتذوقه إلا القليل مع أنه متأثر بالثقافة العربية وخاصة الصوفية حتى النخاع والذي أعتبره بحق هو امتداد للصوفيين الأوائل الذي ما فتيء يذكهم في كتاباته مثل ابن عربي والحلاج وجلال الدين الرومي وغيره في كتاب " السر " يقول أوشو في خاطرته الصوفية حول معنى لا إله إلا الله : " لا إله إلا الإله ، إنه أساس طريق الصوفية ، البذرة ، ومن هذه البذرة تنمو شجرة بوذا الصوفية ، في هذا البيان الصغير
كل معاني الأديان تتفتح : الرب والرب فقط هو الموجود " ويرى أوشو في هذا الكتاب أن هذه الجملة التوحيدية لا إله إلا الله تجعل الرب مرادف للوجود ذاته ؛ فالرب هو الكائن بحق ، والخالق غير منفصل عن خلقه ، الخالق هو الخلق ، لا وجود للثنائية أو للمسافة فأيا كان الطريق الذي تسلكه فستمر بالرب " ويرى أن كل المخلوقات من شجر ونهر وجبال ما هي إلا مظاهر لله ... وكأننا نستمع لهمسات الرومي في شعره ، أو لصرخات الحلاج العذبة والمعذبة على صليبه ، ويرى أوشو أن هذا الاعتقاد سوف يغير طريقة حياتك بشكل كامل فالصوفية كما يرى أوشو لا يهتمون بالمعرفة ولكن بالحب الحاد والجارف فالصوفية تعلمك كيف تقع في عشق الكون وكيف تتناغم معه وكيف تبني جسرا تصل به بين الخالق والمخلوق ؟ ويربط بين هذا الاتحاد والعشق ، وبين الانفصال والزهد ؛ فعندما تعتقد أن الخالق منفصل عن خلقه إذا فهذا الخلق يتعوره النقصان ، وتتخلله المثالب ، ويتوجب عليك حينئذ الزهد في كل ما خلق الخالق على عكس التصوف والاتحاد الصوفي الذي يتخذ من العشق طريقا ، ويستشهد بابن الرومي حين قال :" إذا أنت لست واحدا مع حبيبك الذي تسعى إليه ! وإن كنت متحدا فيه ، ابتهج ! " فالمحبة والعشق هما سبيل الصوفي إلى الاتحاد وليست المعرفة التي تفصلك عن الشيء الذي تفكر فيه وتحلله وتقلبه من جميع جوانبه ... هذا هو أوشو الذي ألف الكتب والمجلدات عن التصوف العربي والإسلامي وأعلن في أكثر من مقام أنه صوفي العصر الجديد ... تأثر أوشو بالصوفية حتى في طريقة تعبيره عن فكرته ولكنه هنا يجمع بين أصالة الحالة الصوفية وجدة التعبير عنها وعصرية التفكير فيها .
أوشو مولود في الهند 11/12/1930 لأسرة فقيرة لم تستطع أن تعلمه فدفعت به إلى جده وجدته التي تعلم منها كثيرا وتأثر بها ، درس الفلسفة وعلم النفس وتعمق في ديانات كثيرة وتأثر بالنزعات الصوفية في العالم قدم في محاضراته وكتاباته طرحا روحيا يجمع بين علم نفس الأعماق والتدين الصوفي وضعته نيويورك تايم من بين مائة شخصية الذين شكلوا عقلية القرن العشرين اغتيل على يد المخابرات المركزية الأمريكية في 19 يناير عام 1990
أسماء الله الحسنى
في كتاب " تسعة وتسعون اسما للاشيء " واللاشيء هنا لا يعني العدم ولكنه يعني به للكينونة التي تتسامى عن كونها شيئا أو عدما ، حضورا أو غيابا حيث يحمل عنوان الكتاب مفارقته معه فهذه الأسماء كلها للاشيء ، فوجود الأسماء يفترض منها أن تعزز شيئا ولكنها أسماء للمجهول الأسمى ، العارف الذي لا يعرف ، هذا هو معنى اللاشيء كثيرون كتبوا في تراثنا الإسلامي عن أسماء الله الحسنى وأشهرها كتاب الغزالي " أسماء الله الحسنى " وخواطر ابن عربي في الفتوحات المكية وغيرها ، ولكن ما يميز أوشو عن هؤلاء أنه يستعمل لغة هي بحق تستحق أن تقال عنها صوفية فهو يستعرض اسما اسما وتشعر وهو يسبح في سبحات الاسم أنه تحول إلى مطلق إلى نور وكأن الذات الإلهية في هذا الاسم وكأن كل صفة تتحول إلى الصفة وكل اسم تصبح الاسم الأعظم لله حتى تنتقل إلى الاسم الآخر فتشعر بعظمة المطلق في هذا الاسم واستدعائاته وأوشو يستخدم لغة فريدة تجمع بين شعرية الأسلوب ودقة التعبير ، تجده شاعرا يرصف الجملة الموسيقية ثم يتحول إلى محاضر يسرد الحجج المنطقية والخلفيات العلمية ثم إلى عالم نفس فأوشو لا تعنيه الأفكار قدر ما يعنيه الإنسان ولقد اعترف في أحد محاضراته أنه يكذب – وقال أن كل الأولياء والبوذيين يكذبون – ولكنه ليس الكذب المضاد للحقيقة الواقعية ولكنها الكذبة البيضاء فحال الأولياء يصعب شرحه وفهمه لمن هم دونهم لذا فهم يتحدثون مع الناس بأفكار ورؤى تتناسب ومستوى تحققهم في عالم الحقائق الروحية ونعرض لكم في السطور القادمة ترجمة لبعض أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب
الخبير : إنه اسم صوفي اسم من أسماء الله وهو يعني حرفيا الذات التي ترى ، الكل ، الذات المدركة ترى العالمين بالرغم من كونها محتجبة في ذواتنا أجمعين .. الشاهدة . مانراه إما أن يكون حقا أو باطلا وما تراه تلك الذات فهي حق دائما ، في الليل ترى الحلم في الصباح تكتشف أنه باطل وليس حقا ، ولكن الشخص الذي يرى واحد هو أنت ... أنت من يرى الواقع بالنهار ومن يرى الأحلام بالليل؛ فأنت ترى الحبل في الظلام وتظنه أفعى عندما تقترب أكثر وتكتشف خطؤك ، ولكن العارف الذي بداخلك لا يخطيء أبدا حتى لو أصابت عقلك لوثة؛ فالعارف بداخلك حقي وحقيقي ولا يرى الحق إلا الحق ولا تعرف الحقيقة إلا ذاتها ، فكلمة الخبير تعني الذات العارفة الشاهدة بداخلك ؛ فالصوفية لها أسماء جميلة لله ويبلغ مجموعها 99 اسما وقد يتساءل البعض لماذا 99 ؟ لماذا لا تكون مائة ؟ الرقم يبدو وكأنه ناقص والسبب يجل عن الملاحظة بالتأكيد فالاسم المائة موجود ولكنه صامت وهو اسم الله الحق الذي لا يمكن أن تحصره شفة أو يلفظه لسان؛ فالطاو الذي تلوكه الألسنة ليس الطاو الحق واسم الله الذي يمكن للألسنة أن تتلهج به ليس اسمه الحق لأن كلمة " الإله " تزيف حقيقته؛ لذا فالاسم المائة لله هو الاسم الحق فالهندوس أيضا يعتقدون أن ساتنام هو اسم الإله الحق ولكني أجيبهم بأن اسم الله الحق لا يمكن أن ينطق لأنه عندما ينطق يفقد جماله فاسم الله الحق يظل هادئا مطمئنا في سويداء سويداء القلوب، وستظل التسع والتسعين اسما ناطقة متحركة لتساعد الناس لبلوغ المائة الساكنة والمطمئنة؛ فالاسم المائة هو تقريبا الفناء الذي تصفه البوذية بـ " النيرفانا " اللاشيئية لذا أسمي التسع والتسعين اسما بأسماء الفناء أحد هذه الأسماء الخبير إذا تعمقت في هذه الفكرة ستصبح عارفا أكثر فأكثر وتغير طبيعتك من الناظر إلى العارف . انظر إلى الشجرة وتذكر ذاتك التي ترى الشجرة ، كل وتذكر وأنت تأكل ذاتك التي تأكل ، امشي وتذكر وأنت تتمشى ذاتك التي تتمشى، لا تركز على الخارج ركز على الداخل، وشيئا فشيئا سيتضح لك من الذي يرى واقعنا الحقي وذاتنا الحقيقية …. إنه الحق الخبير
اللطيف : اللطيف يعني الذي يدق عن الملاحظة، ويشف عن الرؤيا، ويلطف عن الفهم ، الله رقيق جدا ، وعميق جدا ، لا تبحث عنه بطرق مباشرة ، وواضحة فالإنسان يجب أن يطرق طرقا غير مباشرة ، طرقا جمالية ، شعرية ، وجدانية . الإنسان ينبغي أن يتعلم ماهية الإيمان ، الإنسان ينبغي أن يتعلم ماهية الذوبان ، ماهية أن يتماهى مع الأشياء ثم تنفحه يوما النفحة الإلهية ، فجأة ، ومن اللامكان يتجلى الله .... الله لا يظهر كشخص يقف أمامك تنظر إليه وينظر إليك ولكنه يتجلى كحضور عميق فيك عمق كينونتك ووجودك
الجلال : ( يقصد ذو الجلال ) اسم آخر من أسماء الله فكل ماهو جميل في الوجود ، كل ما هو جليل وفخيم ، جزء من الذات الإلهية فعندما ترى الجمال فثم المقدس ، وحيثما تراه فانحني له خاشعا متخشعا فما الجمال إلا بيانا ربانيا ، قد تراه في زهرة على الأرض ، وقد تراه في وجه بشري أمامك ، وقد تراه في نجمة تسكن السماء أينما ترى فلن ترى إلا الحضور الجليل ، اجعل ذلك تأملك واعتقادك وسوف تفاجأ بالجمال الذي تدركه وتندهش بدنوك من الله ، وسوف ترى كثيرا من الجلال والعظمة تتخفى في كل مرأى
الحسيب : وهي تعني الذات التي ترضي رضا كافيا ؛ فبدون الله لا يمكن لأي إنسان أن يشعر بالرضا ، قد يبحث الإنسان عن أشياء كثيرة ترضيه في هذه الحياة ولكن لا شيء يرضيه ، والرضا الذي تناله من غيره وهم وباطل ، فالرضا ليس ذلك الإحساس الذي يزورك ثم يغادرك ، الرضا مقام مقيم وليس حال يتحول ، الرغبة مثلا تعطيك رضا مؤقت ، عابر ، زائل ومثل الرغبة مثل الندى تسيل قطراته من السماء على أوراق العشب ثم تسقط وأنت لا تستطيع رؤيتها بشكل دقيق ، لأنها دقيقة جدا وهكذا تكون الرغبة وللحظة واحدة يشعر المرء بتحسن ولكن انتبه للحظة واحدة ثم مرة أحرى وأخرى تعود الفوضى لحياتك وتستأنف رحلتها الكلية معك ، بينما تختفي رغبة في داخلك يخلفها عشرة رغبات إنها لا نهائية لا يسطع أحد على إيقافها إلا الله ، يد الله هي اليد للعجلة التي تتحرك ، حينما يشعر الإنسان بالله لن يرعش لرغباته ، وحينما يحيا بالله لن يعيش في اللهو ، وحينما تحتفي روحه بالله ستختفي الرغبات في نفسه ، الله هو الرضا المطلق والأبدي الله هو حسيب الإنسان وليس للإنسان شيء حسيبه ، يكفيه ويرضيه ويغنيه عن غيره إلا الله وهذا هو معنى " الحسيب "
كل شيء يعطي للإنسان وعدا بالرضا والإشباع ولكنه وعد باطل ، مثل المال كان يظن الإنسان أنه لو امتلك المال لكان راضيا والآن أصبح الناس أغنى وأغنى ولكن السعادة لم تلوح لهم بعد ، السعادة غالبا تشبه الأفق ، عصية المنال ، الصداقات شيء آخر تعطي للناس آمال باطلة وهي " الصداقة " توحي للإنسان بأن كل شيء على مايرام الآن وأنه سوف يعيش في سعادة إلى الأبد ولم يحدث ذلك . ولكن لاشيء من هذه الوعود الباطلة تستحال إلى حق بالله وفي الله ولله . لذا إن أرضاك شيء بشكل كامل ومطلق وللأبد فهذا الشيء هو الرب . فالرب هو مجرد اسم لهذا الشيء الذي يغدو حسيبك
الهادي : الهادي هو اسم صوفي من أسماء الله ويعني : الهداية لكل هادي تأتي من الرب ، والهداية تطرق بابنا دائما ولكنا نحتاج أن نرهف أسماعنا ، إنها لا تزال صوتا هامسا رقيقا في الفؤاد ، إن كان عقلك مكتظ بالضجيج فلن تستطيع سماعا ، عندما يكون العقل ساكنا فستسمع لهذا الصوت الذي لا يزال هامسا ، وتستمع
إنها ليست مسألة اختيار ، أن تفعل أو لا تفعل ، إنها قدرة العين أن ترى ، والأذن أن تسمع ، والقلب أن يعقل ، ولكن عقلك منزعج بضجيج الأفكار وكأنه شوارع مرور مزدحم بأفكار كثيرة صتدر أبواقا وضجيجا .
الهداية ليست خارجك إنها بالداخل ، في أعمق أعماقك ، الهداية عميقة عمق كينونتك ووجودك فتعمق فيك لتكن وتوجد ، وحينما تجد الهداية وتعثر على الله ، عندما تتحصل على الهداية الداخلية فليس ثمة أخطاء ولا ندم ولا توبة ، فالأمر لا يتعلق بأن تفعل الخير ، وتتجنب الشر ، تحل الحلال وتحرم الحرام ، ، أيا كان ما تفعله فهو خير إنها أيضا ليست مسألة أخلاق ، فعندما تكون كينونتك طيبة فلن تفعل إلا طيبا ، فعندما تتخلص روحك من العقل ونيره ستمشي على الأرض حرا وخفيفا كالنسمة مستنيرا بنور الهداية نور الله ، وعندما تسير في الأرض خفيفا ومستنيرا ستصبح الحياة ضحكا وحبا وفرحا .
وحتى تجد الهداية في داخلك لا بد لك من ولي – سيد – عندما تجد الهداية فاعرف أنك وجدت الولي فالولي ببساطة يقول ما يقوله قلبك كلمات نابعة عن كينونتك الحقة ولكن لم تسمع ، فأنت عندما تجد الهداية ستجد الولي في قلبك فالولي موجود ليقول لك شيئا أنت لا تسمعه من قلبك لأننا أحيانا نستمع بيسر من العالم الخارجي أفضل مما يأتي من العالم الداخلي ؛ فالولي في الخارج يجسد الهداية في الداخل ؛ لذا الهداية التي في الداخل والولي الذي في الخارج ليسوا ظاهرتين إنها ظاهرة واحدة تتحدث بلغة واحدة فاستسلامك للولي هو هو استسلامك للهداية التي في داخلك فالولي كل ما يفعله هو أنه يجعل الصوت الذي في داخلك واضح وهو مثل المرآة يعكسك ويوضح أشياء غامضة بالنسبة لك هذا كل ما يقوم به هو يقول لك بصوت عال ومسموع ما يقوله لك قلبك بصوت غامض ومهموس ، هو يضخم الصوت الذي لا يزال يهمس في قلبك .
الرب دائما موجود ويعتني بك أيا كانت احتياجاتك ، فيجب علينا ألا نقلق حول شؤوننا فليس ثمة شيء يدعو إلى القلق ، عندما يظهر هذا اليقين منك ستصبح الحياة بهجة .
الحياة لا تتخذها عدوا ، إنها أمك وأبوك أنت جزء منها إنها ستستمر بتقديم الطعام والشراب لك وستعتني بك .
لفهم هذا المعنى عليك بالاسترخاء فهؤلاء الذين لا يقدرون على الاسترخاء هؤلاء المتوترون الذين يعتنون بأنفسهم ثم تظهر ألف مشكلة ومشكلة يواجهونها بأنفسهم ويخططون للمستقبل وذلك ما يجعلهم قلقين بشأنه ، والتخطيط للسمتقبل يفقدهم الحاضر ، لذا تصبح حياتهم كلها مجرد تخطيط للحياة بدون أن يحيوها ، وهذا الكلام ينطبق على الماضي أيضا فإنهم ارتكبوا آلاف الأخطاء كان بإمكانهم تجنبها ويقولون دائما " آه لو لم أفعل ذلك " وبين الماضي والمستقبل يحدث هذا الصدام ، فالحاضر محاصر بين حجرين كبيرين يكادان يطبقان عليه الماضي والمستقبل .
عندما تفهم أن الله هو الذي يرزق ستشرق الحرية العظيمة في قلبك ، ليس هناك سوى الحاضر فلا وجود للماضي ولا وجود للمستقبل ، تستطيع أن تعيش للحد الأقصى من الحياة حتى تصبح الحياة في نظرك ليست القدرة على التحمل ولكن الاستمتاع والبهجة وهذا المعنى هو معنى " الهادي "
المجيد : هذا الاسم يعني من له المجد وهذه تعلو الحكمة بدرجة ، لأن الحكمة البشرية تغدو مؤذية جدا ، فهي تشعرك بالأنانية لا بد لك من الاستسلام تحت أقدام الله كلي المجد وكلي الحكمة ، على الإنسان أن يكون أحمقا في عيني الله ، فمن هذه اللحظة التي تفكر فيها بالله كحكيم وفي نفسك كأحمق ، سيكسبك هذا الحكمة الحقيقية .
أن تكون أحمق أمام الله هو أن تكون حكيما . مبارك هؤلاء الجهلة لأنهم سيعرفون ...
إنه شيء ينبغي أن نتقبله بمحبة كبيرة ، إنه شيء ليس بسيء ، أو شرير إنه طاقة تأمل تحاول اختراق المستويات العليا في روحك وتصيب العين الثالثة المركزية ، وهذا ما يفسر وجود الألم ، وقد يأتي الفرج في أي يوم وقبل أن يأتي ذلك اليوم ستستمر الطاقة بطرق الباب ، ولا يملك أحد أن يعرف في أي وقت سيفتح الباب ربما في اليوم الثاني أو اليوم الثالث أو الرابع وفي أي طرقة سيفتح ، ولكنها قريبة جدا باستمرار الطرق ، وقبل أن يفتح الباب ستبلغ معاناتك أقصاها ، ولكن لا تقلق بشأن تلك المعاناة ولا تأخذ أي أدوية لذلك فقط استمتع بمعاناتك ، إنها أعظم من أن تطاق فلا تعالجها ، خذ دوشا للاستحمام ولا تأخذ أدوية لأنها ستعيقك .
يحب عليك أن تسترخي في ذلك ولا يشغلك شيء ، إنه جيد تماما ، أنت على الصراط المستقيم ، فلكي تصبح أكثر أنوثة ورقة وحساسية لتسمح بحدوث ذلك فيك ولكن الأنا تحاول أن تخلق المشاكل حتى تحول دون حدوث ذلك ، سيقول لك أناك : " كن قويا ، وشديدا " لا تستمر في تلك الرحلة الذكورية الشوفينية ، تناسى ذلك واسترخ ، فكل ما يعن لك بشكل طبيعي جميل ورائع ، لا بد أن تستوعب تلك الأنوثة .
ما تعتقد أنه ضعف ليس ضعفا إنه رقة ونعومة ولكن الأنا الخاص بك هو الذي يصنفها ويقيمها على أنها " ضعف " وهذا هو السبب الذي جعل الأنثى منذ فجر العصور وهي تنظر لنفسها على أنها الجنس الأضعف وهذا ليس حقيقيا إنه وهم .
المرأة هي الجنس الأقوى ولكنها حساسة هذه هي الحقيقة التي تثبتها الآن الدراسات البيولوجية فالنساء تعيش أكثر من الرجل بخمس سنوات هذا ما أثبتته الدراسات معدل عمر المرأة أكثر من الرجل بخمس سنوات ، والرجال الذين ينتحرون ضعف عدد النساء التي تقدم على الانتحار ، والرجال الذين يتعرضون للأمراض ضعف عدد النساء اللاتي تتعرض للأمراض؛ فالنساء أكثر مقاومة للأمراض من الرجال ، المرأة قادرة على تحمل الألم لمدة أطول من الرجال ، تأمل في مسألة ولادة الأطفال ، ووجودهم في الرحم لتسعة شهور، ثم سنوات أخرى تتحمل شقاء الطفل وإزعاجه ، المرأة والمرأة فقط هي من لديها القدرة على تحمل ذلك دائما ؛ فهي لديها قوة من نوع مختلف إن قوتها ليست قوة عضلات فهناك قوة تختلف عن تلك التي تصنعها العضلات إنها القوة التي تجعلك تقاوم المرض والموت وتجعلك قادرا على تحمل الألم قادرا على الحياة رغم كل تلك الأشياء التي تواجه الحياة ، القدرة أن تكون عاقلا بالرغم من اللاعقلانية التي يمتليء بها العالم .
أسقط تلك الكلمة " ضعيف " واستبدلها بالرقة ، والأنوثة واسمح لها بأن تدخل فيك وتتغلغل إنها جميلة .
الحليم : اسم صوفي لله ومعناه الشخص الذي يسامح كل ما سلف ، حتى لو كان ما ارتكبته ضده؛ فهو ليس ضدك ، حتى لو أنك أنكرته هو لن ينكرك ، إذا ضللت فهو يعرف أنك سترجع إلى الصواب ثقته فيك مطلقة إن فهم أحدنا هذا ، أن الله وهبنا الحرية ، الحرية كاملة لنا جميعا ، حرية أن ننكره أو نفعل أي شيء ضده إن فهمنا ذلك ستظهر رؤية جديدة لله ، الله هو الحرية . فكرة أن الله كما لو أنه شكل من أشكال الديكتاتور هي فكرة زائفة ، فكرة أن الله يريد من كل شخص أن يطيعه هو جنون مطلق ، فالطاعة التي تأتي من سلطة خارجك هي ليست طاعة حقيقية ، إنها ستكون عبودية ، ولكن ثمة نوع آخر من الطاعة تطوعية ، إنه اختيارك أنت تختاره الأمر مردود إليك يمكنك أن تطيع أو لا تطيع ... وهذا هو معنى اسمه " الحليم " الله يحبك كثيرا حتى لو لم تكن تحبه فهو يحبك محبة غير مشروطة .
العظيم :اسم صوفي آخر وهو يعني العظيم ، كل من هو موجود عظيم ، لا يوجد شيء قليل الشأن في الوجود ، حتى لو استصغرته لأن كل موجود جزء من الكون اللانهائي ، فالجزيء ما كان له أن يوجد بدون الكون الكلي والعكس صحيح أيضا ، الكون الكلي ما كان له أن يوجد بدون الجزيء فالكل ما له أن يكون كلا إلا بالجزيء ، بدونه شيء ما مفقود ، سيكون فراغا ، لذا أقول حتى أصغر وريقة عشب أخضر ليست بأقل عظمة من الشمس ، إن كنت من الناس الذين يبحثون عن العظمة ، فستجدها في أي مكان ، لن تجد مكانا يخلو من العظمة ، وهذه إحدى اللمحات المبصرة في الفيزياء الحديثة أنهم يبحثون في صغائر الأشياء ، وحصلوا فيها على مصدر الطاقة وهم يبحثون في الذرة اكتشفوا الطاقة الذرية ، الصغير هو الذي يظهر ولكنه فقط مظهر وشكل ويحتوي العظيم وأنت لا تستطيع اكتشاف العظيم مباشرة أينما تبحث فثم الصغير ، فالشيء الصغير هو طريقة تعبير العظيم عن ذاته ، أنت لا تستطيع أن ترى المحيط أنت ترى هذه لأمواج فقط أو تلك ، الأمواج فقط هي التي تظهر ويظل المحيط مخفيا ، المحيط لا يرى ولكنه يعقل بالمنطق لأن الموج أنى له أن يوجد بدون المحيط ؛ لهذا نحن لا نرى سوى الأشياء الصغيرة : الرجل ، المرأة ، الشجر ، الجبل ، ذرات الغبار ، قطرت المطر ، ولكن كل هذه مجرد أشكال ظاهرية إن اخترقتها عميقا ستصبح أبوابا – أبوابا للأبدية التي تسمى " العظيم " انظر عميقا في هذه الأشياء أو في غيرها في النهاية سوف تجده .
الحفيظ : الله هو الذي يحفظ ، ونحن لازلنا نحيا في القلق مع أنه غير ضروري ، قلقنا عقيم لأنه لن يحدث إلا ما حدث ، فليس طريق لتجنبه، وليست طريقة لتفاديه ، ولاشيء آخر علينا فعله ...
الله هو الحافظ ، إن فهمنا ذلك فلن نقلق حول أمننا وأماننا ، وأي شيء سيحدث سيكون كما ينبغي أن يكون شيئا طيبا لأنه من الله . أحيانا يتساءل العقل " كيف يكون جيدا ؟ أنت تعاني كثيرا ، وتتألم كثيرا ، وتتعذب فكيف يكون جميلا ؟ كيف يكون طيبا ؟ " ولكن أحيانا تكون المعاناة ضرورية وطيبة في ذات الوقت لأن الناس تنضج من المعاناة ، أحيانا يصبح الألم نعمة لأنه يشكل تحديا لك والألم يعطي للإنسان التكامل والإنسجام الذي يحتاجه ، وأحيانا تتستحثك الشدة على الصلاة ، لذا ليست كل النعم نعم ، وليست كل المصائب مصائب ، ولكن بالنسبة للمؤمن فأمره كله خير ، فهو يستقبل المصيبة استقبال الشاكر وبنفس الشعور يتلقى النعم ، فهو لا يقول : " هذا ما ينبغي أن يحدث وذلك لا ينبغي " إنه يترك نفسه تماما ببساطة يصبح تقبليا وهذا الاستسلام والتقبل هو الذي سيحوله ، هذا التقبل هو اليقين ، ولذا ومنذ هذه اللحظة لا تقلق بشأن نفسك ، ومنذ الآن لا تحمل أثقالك على كتفك ، الرب سيتكفل لك بحملك وبشكل كامل ، هل يوجد عالم أكثر كمالا من ذلك ؟ !
وهذا ما أسميه الوعي الديني البريء والصافي وراء الأديان جميعها واليقين العظيم في الوجود الذي أراه بمثابة أم لنا جميعا ، وما نحن إلا جزءا منها ، ذريتها ، كيف تعادينا ؟ وعندما يصبح الوجود أما إذا فالحياة بركة ، حتى الموت أيضا بركة .
كل معاني الأديان تتفتح : الرب والرب فقط هو الموجود " ويرى أوشو في هذا الكتاب أن هذه الجملة التوحيدية لا إله إلا الله تجعل الرب مرادف للوجود ذاته ؛ فالرب هو الكائن بحق ، والخالق غير منفصل عن خلقه ، الخالق هو الخلق ، لا وجود للثنائية أو للمسافة فأيا كان الطريق الذي تسلكه فستمر بالرب " ويرى أن كل المخلوقات من شجر ونهر وجبال ما هي إلا مظاهر لله ... وكأننا نستمع لهمسات الرومي في شعره ، أو لصرخات الحلاج العذبة والمعذبة على صليبه ، ويرى أوشو أن هذا الاعتقاد سوف يغير طريقة حياتك بشكل كامل فالصوفية كما يرى أوشو لا يهتمون بالمعرفة ولكن بالحب الحاد والجارف فالصوفية تعلمك كيف تقع في عشق الكون وكيف تتناغم معه وكيف تبني جسرا تصل به بين الخالق والمخلوق ؟ ويربط بين هذا الاتحاد والعشق ، وبين الانفصال والزهد ؛ فعندما تعتقد أن الخالق منفصل عن خلقه إذا فهذا الخلق يتعوره النقصان ، وتتخلله المثالب ، ويتوجب عليك حينئذ الزهد في كل ما خلق الخالق على عكس التصوف والاتحاد الصوفي الذي يتخذ من العشق طريقا ، ويستشهد بابن الرومي حين قال :" إذا أنت لست واحدا مع حبيبك الذي تسعى إليه ! وإن كنت متحدا فيه ، ابتهج ! " فالمحبة والعشق هما سبيل الصوفي إلى الاتحاد وليست المعرفة التي تفصلك عن الشيء الذي تفكر فيه وتحلله وتقلبه من جميع جوانبه ... هذا هو أوشو الذي ألف الكتب والمجلدات عن التصوف العربي والإسلامي وأعلن في أكثر من مقام أنه صوفي العصر الجديد ... تأثر أوشو بالصوفية حتى في طريقة تعبيره عن فكرته ولكنه هنا يجمع بين أصالة الحالة الصوفية وجدة التعبير عنها وعصرية التفكير فيها .
أوشو مولود في الهند 11/12/1930 لأسرة فقيرة لم تستطع أن تعلمه فدفعت به إلى جده وجدته التي تعلم منها كثيرا وتأثر بها ، درس الفلسفة وعلم النفس وتعمق في ديانات كثيرة وتأثر بالنزعات الصوفية في العالم قدم في محاضراته وكتاباته طرحا روحيا يجمع بين علم نفس الأعماق والتدين الصوفي وضعته نيويورك تايم من بين مائة شخصية الذين شكلوا عقلية القرن العشرين اغتيل على يد المخابرات المركزية الأمريكية في 19 يناير عام 1990
أسماء الله الحسنى
في كتاب " تسعة وتسعون اسما للاشيء " واللاشيء هنا لا يعني العدم ولكنه يعني به للكينونة التي تتسامى عن كونها شيئا أو عدما ، حضورا أو غيابا حيث يحمل عنوان الكتاب مفارقته معه فهذه الأسماء كلها للاشيء ، فوجود الأسماء يفترض منها أن تعزز شيئا ولكنها أسماء للمجهول الأسمى ، العارف الذي لا يعرف ، هذا هو معنى اللاشيء كثيرون كتبوا في تراثنا الإسلامي عن أسماء الله الحسنى وأشهرها كتاب الغزالي " أسماء الله الحسنى " وخواطر ابن عربي في الفتوحات المكية وغيرها ، ولكن ما يميز أوشو عن هؤلاء أنه يستعمل لغة هي بحق تستحق أن تقال عنها صوفية فهو يستعرض اسما اسما وتشعر وهو يسبح في سبحات الاسم أنه تحول إلى مطلق إلى نور وكأن الذات الإلهية في هذا الاسم وكأن كل صفة تتحول إلى الصفة وكل اسم تصبح الاسم الأعظم لله حتى تنتقل إلى الاسم الآخر فتشعر بعظمة المطلق في هذا الاسم واستدعائاته وأوشو يستخدم لغة فريدة تجمع بين شعرية الأسلوب ودقة التعبير ، تجده شاعرا يرصف الجملة الموسيقية ثم يتحول إلى محاضر يسرد الحجج المنطقية والخلفيات العلمية ثم إلى عالم نفس فأوشو لا تعنيه الأفكار قدر ما يعنيه الإنسان ولقد اعترف في أحد محاضراته أنه يكذب – وقال أن كل الأولياء والبوذيين يكذبون – ولكنه ليس الكذب المضاد للحقيقة الواقعية ولكنها الكذبة البيضاء فحال الأولياء يصعب شرحه وفهمه لمن هم دونهم لذا فهم يتحدثون مع الناس بأفكار ورؤى تتناسب ومستوى تحققهم في عالم الحقائق الروحية ونعرض لكم في السطور القادمة ترجمة لبعض أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب
الخبير : إنه اسم صوفي اسم من أسماء الله وهو يعني حرفيا الذات التي ترى ، الكل ، الذات المدركة ترى العالمين بالرغم من كونها محتجبة في ذواتنا أجمعين .. الشاهدة . مانراه إما أن يكون حقا أو باطلا وما تراه تلك الذات فهي حق دائما ، في الليل ترى الحلم في الصباح تكتشف أنه باطل وليس حقا ، ولكن الشخص الذي يرى واحد هو أنت ... أنت من يرى الواقع بالنهار ومن يرى الأحلام بالليل؛ فأنت ترى الحبل في الظلام وتظنه أفعى عندما تقترب أكثر وتكتشف خطؤك ، ولكن العارف الذي بداخلك لا يخطيء أبدا حتى لو أصابت عقلك لوثة؛ فالعارف بداخلك حقي وحقيقي ولا يرى الحق إلا الحق ولا تعرف الحقيقة إلا ذاتها ، فكلمة الخبير تعني الذات العارفة الشاهدة بداخلك ؛ فالصوفية لها أسماء جميلة لله ويبلغ مجموعها 99 اسما وقد يتساءل البعض لماذا 99 ؟ لماذا لا تكون مائة ؟ الرقم يبدو وكأنه ناقص والسبب يجل عن الملاحظة بالتأكيد فالاسم المائة موجود ولكنه صامت وهو اسم الله الحق الذي لا يمكن أن تحصره شفة أو يلفظه لسان؛ فالطاو الذي تلوكه الألسنة ليس الطاو الحق واسم الله الذي يمكن للألسنة أن تتلهج به ليس اسمه الحق لأن كلمة " الإله " تزيف حقيقته؛ لذا فالاسم المائة لله هو الاسم الحق فالهندوس أيضا يعتقدون أن ساتنام هو اسم الإله الحق ولكني أجيبهم بأن اسم الله الحق لا يمكن أن ينطق لأنه عندما ينطق يفقد جماله فاسم الله الحق يظل هادئا مطمئنا في سويداء سويداء القلوب، وستظل التسع والتسعين اسما ناطقة متحركة لتساعد الناس لبلوغ المائة الساكنة والمطمئنة؛ فالاسم المائة هو تقريبا الفناء الذي تصفه البوذية بـ " النيرفانا " اللاشيئية لذا أسمي التسع والتسعين اسما بأسماء الفناء أحد هذه الأسماء الخبير إذا تعمقت في هذه الفكرة ستصبح عارفا أكثر فأكثر وتغير طبيعتك من الناظر إلى العارف . انظر إلى الشجرة وتذكر ذاتك التي ترى الشجرة ، كل وتذكر وأنت تأكل ذاتك التي تأكل ، امشي وتذكر وأنت تتمشى ذاتك التي تتمشى، لا تركز على الخارج ركز على الداخل، وشيئا فشيئا سيتضح لك من الذي يرى واقعنا الحقي وذاتنا الحقيقية …. إنه الحق الخبير
اللطيف : اللطيف يعني الذي يدق عن الملاحظة، ويشف عن الرؤيا، ويلطف عن الفهم ، الله رقيق جدا ، وعميق جدا ، لا تبحث عنه بطرق مباشرة ، وواضحة فالإنسان يجب أن يطرق طرقا غير مباشرة ، طرقا جمالية ، شعرية ، وجدانية . الإنسان ينبغي أن يتعلم ماهية الإيمان ، الإنسان ينبغي أن يتعلم ماهية الذوبان ، ماهية أن يتماهى مع الأشياء ثم تنفحه يوما النفحة الإلهية ، فجأة ، ومن اللامكان يتجلى الله .... الله لا يظهر كشخص يقف أمامك تنظر إليه وينظر إليك ولكنه يتجلى كحضور عميق فيك عمق كينونتك ووجودك
الجلال : ( يقصد ذو الجلال ) اسم آخر من أسماء الله فكل ماهو جميل في الوجود ، كل ما هو جليل وفخيم ، جزء من الذات الإلهية فعندما ترى الجمال فثم المقدس ، وحيثما تراه فانحني له خاشعا متخشعا فما الجمال إلا بيانا ربانيا ، قد تراه في زهرة على الأرض ، وقد تراه في وجه بشري أمامك ، وقد تراه في نجمة تسكن السماء أينما ترى فلن ترى إلا الحضور الجليل ، اجعل ذلك تأملك واعتقادك وسوف تفاجأ بالجمال الذي تدركه وتندهش بدنوك من الله ، وسوف ترى كثيرا من الجلال والعظمة تتخفى في كل مرأى
الحسيب : وهي تعني الذات التي ترضي رضا كافيا ؛ فبدون الله لا يمكن لأي إنسان أن يشعر بالرضا ، قد يبحث الإنسان عن أشياء كثيرة ترضيه في هذه الحياة ولكن لا شيء يرضيه ، والرضا الذي تناله من غيره وهم وباطل ، فالرضا ليس ذلك الإحساس الذي يزورك ثم يغادرك ، الرضا مقام مقيم وليس حال يتحول ، الرغبة مثلا تعطيك رضا مؤقت ، عابر ، زائل ومثل الرغبة مثل الندى تسيل قطراته من السماء على أوراق العشب ثم تسقط وأنت لا تستطيع رؤيتها بشكل دقيق ، لأنها دقيقة جدا وهكذا تكون الرغبة وللحظة واحدة يشعر المرء بتحسن ولكن انتبه للحظة واحدة ثم مرة أحرى وأخرى تعود الفوضى لحياتك وتستأنف رحلتها الكلية معك ، بينما تختفي رغبة في داخلك يخلفها عشرة رغبات إنها لا نهائية لا يسطع أحد على إيقافها إلا الله ، يد الله هي اليد للعجلة التي تتحرك ، حينما يشعر الإنسان بالله لن يرعش لرغباته ، وحينما يحيا بالله لن يعيش في اللهو ، وحينما تحتفي روحه بالله ستختفي الرغبات في نفسه ، الله هو الرضا المطلق والأبدي الله هو حسيب الإنسان وليس للإنسان شيء حسيبه ، يكفيه ويرضيه ويغنيه عن غيره إلا الله وهذا هو معنى " الحسيب "
كل شيء يعطي للإنسان وعدا بالرضا والإشباع ولكنه وعد باطل ، مثل المال كان يظن الإنسان أنه لو امتلك المال لكان راضيا والآن أصبح الناس أغنى وأغنى ولكن السعادة لم تلوح لهم بعد ، السعادة غالبا تشبه الأفق ، عصية المنال ، الصداقات شيء آخر تعطي للناس آمال باطلة وهي " الصداقة " توحي للإنسان بأن كل شيء على مايرام الآن وأنه سوف يعيش في سعادة إلى الأبد ولم يحدث ذلك . ولكن لاشيء من هذه الوعود الباطلة تستحال إلى حق بالله وفي الله ولله . لذا إن أرضاك شيء بشكل كامل ومطلق وللأبد فهذا الشيء هو الرب . فالرب هو مجرد اسم لهذا الشيء الذي يغدو حسيبك
الهادي : الهادي هو اسم صوفي من أسماء الله ويعني : الهداية لكل هادي تأتي من الرب ، والهداية تطرق بابنا دائما ولكنا نحتاج أن نرهف أسماعنا ، إنها لا تزال صوتا هامسا رقيقا في الفؤاد ، إن كان عقلك مكتظ بالضجيج فلن تستطيع سماعا ، عندما يكون العقل ساكنا فستسمع لهذا الصوت الذي لا يزال هامسا ، وتستمع
إنها ليست مسألة اختيار ، أن تفعل أو لا تفعل ، إنها قدرة العين أن ترى ، والأذن أن تسمع ، والقلب أن يعقل ، ولكن عقلك منزعج بضجيج الأفكار وكأنه شوارع مرور مزدحم بأفكار كثيرة صتدر أبواقا وضجيجا .
الهداية ليست خارجك إنها بالداخل ، في أعمق أعماقك ، الهداية عميقة عمق كينونتك ووجودك فتعمق فيك لتكن وتوجد ، وحينما تجد الهداية وتعثر على الله ، عندما تتحصل على الهداية الداخلية فليس ثمة أخطاء ولا ندم ولا توبة ، فالأمر لا يتعلق بأن تفعل الخير ، وتتجنب الشر ، تحل الحلال وتحرم الحرام ، ، أيا كان ما تفعله فهو خير إنها أيضا ليست مسألة أخلاق ، فعندما تكون كينونتك طيبة فلن تفعل إلا طيبا ، فعندما تتخلص روحك من العقل ونيره ستمشي على الأرض حرا وخفيفا كالنسمة مستنيرا بنور الهداية نور الله ، وعندما تسير في الأرض خفيفا ومستنيرا ستصبح الحياة ضحكا وحبا وفرحا .
وحتى تجد الهداية في داخلك لا بد لك من ولي – سيد – عندما تجد الهداية فاعرف أنك وجدت الولي فالولي ببساطة يقول ما يقوله قلبك كلمات نابعة عن كينونتك الحقة ولكن لم تسمع ، فأنت عندما تجد الهداية ستجد الولي في قلبك فالولي موجود ليقول لك شيئا أنت لا تسمعه من قلبك لأننا أحيانا نستمع بيسر من العالم الخارجي أفضل مما يأتي من العالم الداخلي ؛ فالولي في الخارج يجسد الهداية في الداخل ؛ لذا الهداية التي في الداخل والولي الذي في الخارج ليسوا ظاهرتين إنها ظاهرة واحدة تتحدث بلغة واحدة فاستسلامك للولي هو هو استسلامك للهداية التي في داخلك فالولي كل ما يفعله هو أنه يجعل الصوت الذي في داخلك واضح وهو مثل المرآة يعكسك ويوضح أشياء غامضة بالنسبة لك هذا كل ما يقوم به هو يقول لك بصوت عال ومسموع ما يقوله لك قلبك بصوت غامض ومهموس ، هو يضخم الصوت الذي لا يزال يهمس في قلبك .
الرب دائما موجود ويعتني بك أيا كانت احتياجاتك ، فيجب علينا ألا نقلق حول شؤوننا فليس ثمة شيء يدعو إلى القلق ، عندما يظهر هذا اليقين منك ستصبح الحياة بهجة .
الحياة لا تتخذها عدوا ، إنها أمك وأبوك أنت جزء منها إنها ستستمر بتقديم الطعام والشراب لك وستعتني بك .
لفهم هذا المعنى عليك بالاسترخاء فهؤلاء الذين لا يقدرون على الاسترخاء هؤلاء المتوترون الذين يعتنون بأنفسهم ثم تظهر ألف مشكلة ومشكلة يواجهونها بأنفسهم ويخططون للمستقبل وذلك ما يجعلهم قلقين بشأنه ، والتخطيط للسمتقبل يفقدهم الحاضر ، لذا تصبح حياتهم كلها مجرد تخطيط للحياة بدون أن يحيوها ، وهذا الكلام ينطبق على الماضي أيضا فإنهم ارتكبوا آلاف الأخطاء كان بإمكانهم تجنبها ويقولون دائما " آه لو لم أفعل ذلك " وبين الماضي والمستقبل يحدث هذا الصدام ، فالحاضر محاصر بين حجرين كبيرين يكادان يطبقان عليه الماضي والمستقبل .
عندما تفهم أن الله هو الذي يرزق ستشرق الحرية العظيمة في قلبك ، ليس هناك سوى الحاضر فلا وجود للماضي ولا وجود للمستقبل ، تستطيع أن تعيش للحد الأقصى من الحياة حتى تصبح الحياة في نظرك ليست القدرة على التحمل ولكن الاستمتاع والبهجة وهذا المعنى هو معنى " الهادي "
المجيد : هذا الاسم يعني من له المجد وهذه تعلو الحكمة بدرجة ، لأن الحكمة البشرية تغدو مؤذية جدا ، فهي تشعرك بالأنانية لا بد لك من الاستسلام تحت أقدام الله كلي المجد وكلي الحكمة ، على الإنسان أن يكون أحمقا في عيني الله ، فمن هذه اللحظة التي تفكر فيها بالله كحكيم وفي نفسك كأحمق ، سيكسبك هذا الحكمة الحقيقية .
أن تكون أحمق أمام الله هو أن تكون حكيما . مبارك هؤلاء الجهلة لأنهم سيعرفون ...
إنه شيء ينبغي أن نتقبله بمحبة كبيرة ، إنه شيء ليس بسيء ، أو شرير إنه طاقة تأمل تحاول اختراق المستويات العليا في روحك وتصيب العين الثالثة المركزية ، وهذا ما يفسر وجود الألم ، وقد يأتي الفرج في أي يوم وقبل أن يأتي ذلك اليوم ستستمر الطاقة بطرق الباب ، ولا يملك أحد أن يعرف في أي وقت سيفتح الباب ربما في اليوم الثاني أو اليوم الثالث أو الرابع وفي أي طرقة سيفتح ، ولكنها قريبة جدا باستمرار الطرق ، وقبل أن يفتح الباب ستبلغ معاناتك أقصاها ، ولكن لا تقلق بشأن تلك المعاناة ولا تأخذ أي أدوية لذلك فقط استمتع بمعاناتك ، إنها أعظم من أن تطاق فلا تعالجها ، خذ دوشا للاستحمام ولا تأخذ أدوية لأنها ستعيقك .
يحب عليك أن تسترخي في ذلك ولا يشغلك شيء ، إنه جيد تماما ، أنت على الصراط المستقيم ، فلكي تصبح أكثر أنوثة ورقة وحساسية لتسمح بحدوث ذلك فيك ولكن الأنا تحاول أن تخلق المشاكل حتى تحول دون حدوث ذلك ، سيقول لك أناك : " كن قويا ، وشديدا " لا تستمر في تلك الرحلة الذكورية الشوفينية ، تناسى ذلك واسترخ ، فكل ما يعن لك بشكل طبيعي جميل ورائع ، لا بد أن تستوعب تلك الأنوثة .
ما تعتقد أنه ضعف ليس ضعفا إنه رقة ونعومة ولكن الأنا الخاص بك هو الذي يصنفها ويقيمها على أنها " ضعف " وهذا هو السبب الذي جعل الأنثى منذ فجر العصور وهي تنظر لنفسها على أنها الجنس الأضعف وهذا ليس حقيقيا إنه وهم .
المرأة هي الجنس الأقوى ولكنها حساسة هذه هي الحقيقة التي تثبتها الآن الدراسات البيولوجية فالنساء تعيش أكثر من الرجل بخمس سنوات هذا ما أثبتته الدراسات معدل عمر المرأة أكثر من الرجل بخمس سنوات ، والرجال الذين ينتحرون ضعف عدد النساء التي تقدم على الانتحار ، والرجال الذين يتعرضون للأمراض ضعف عدد النساء اللاتي تتعرض للأمراض؛ فالنساء أكثر مقاومة للأمراض من الرجال ، المرأة قادرة على تحمل الألم لمدة أطول من الرجال ، تأمل في مسألة ولادة الأطفال ، ووجودهم في الرحم لتسعة شهور، ثم سنوات أخرى تتحمل شقاء الطفل وإزعاجه ، المرأة والمرأة فقط هي من لديها القدرة على تحمل ذلك دائما ؛ فهي لديها قوة من نوع مختلف إن قوتها ليست قوة عضلات فهناك قوة تختلف عن تلك التي تصنعها العضلات إنها القوة التي تجعلك تقاوم المرض والموت وتجعلك قادرا على تحمل الألم قادرا على الحياة رغم كل تلك الأشياء التي تواجه الحياة ، القدرة أن تكون عاقلا بالرغم من اللاعقلانية التي يمتليء بها العالم .
أسقط تلك الكلمة " ضعيف " واستبدلها بالرقة ، والأنوثة واسمح لها بأن تدخل فيك وتتغلغل إنها جميلة .
الحليم : اسم صوفي لله ومعناه الشخص الذي يسامح كل ما سلف ، حتى لو كان ما ارتكبته ضده؛ فهو ليس ضدك ، حتى لو أنك أنكرته هو لن ينكرك ، إذا ضللت فهو يعرف أنك سترجع إلى الصواب ثقته فيك مطلقة إن فهم أحدنا هذا ، أن الله وهبنا الحرية ، الحرية كاملة لنا جميعا ، حرية أن ننكره أو نفعل أي شيء ضده إن فهمنا ذلك ستظهر رؤية جديدة لله ، الله هو الحرية . فكرة أن الله كما لو أنه شكل من أشكال الديكتاتور هي فكرة زائفة ، فكرة أن الله يريد من كل شخص أن يطيعه هو جنون مطلق ، فالطاعة التي تأتي من سلطة خارجك هي ليست طاعة حقيقية ، إنها ستكون عبودية ، ولكن ثمة نوع آخر من الطاعة تطوعية ، إنه اختيارك أنت تختاره الأمر مردود إليك يمكنك أن تطيع أو لا تطيع ... وهذا هو معنى اسمه " الحليم " الله يحبك كثيرا حتى لو لم تكن تحبه فهو يحبك محبة غير مشروطة .
العظيم :اسم صوفي آخر وهو يعني العظيم ، كل من هو موجود عظيم ، لا يوجد شيء قليل الشأن في الوجود ، حتى لو استصغرته لأن كل موجود جزء من الكون اللانهائي ، فالجزيء ما كان له أن يوجد بدون الكون الكلي والعكس صحيح أيضا ، الكون الكلي ما كان له أن يوجد بدون الجزيء فالكل ما له أن يكون كلا إلا بالجزيء ، بدونه شيء ما مفقود ، سيكون فراغا ، لذا أقول حتى أصغر وريقة عشب أخضر ليست بأقل عظمة من الشمس ، إن كنت من الناس الذين يبحثون عن العظمة ، فستجدها في أي مكان ، لن تجد مكانا يخلو من العظمة ، وهذه إحدى اللمحات المبصرة في الفيزياء الحديثة أنهم يبحثون في صغائر الأشياء ، وحصلوا فيها على مصدر الطاقة وهم يبحثون في الذرة اكتشفوا الطاقة الذرية ، الصغير هو الذي يظهر ولكنه فقط مظهر وشكل ويحتوي العظيم وأنت لا تستطيع اكتشاف العظيم مباشرة أينما تبحث فثم الصغير ، فالشيء الصغير هو طريقة تعبير العظيم عن ذاته ، أنت لا تستطيع أن ترى المحيط أنت ترى هذه لأمواج فقط أو تلك ، الأمواج فقط هي التي تظهر ويظل المحيط مخفيا ، المحيط لا يرى ولكنه يعقل بالمنطق لأن الموج أنى له أن يوجد بدون المحيط ؛ لهذا نحن لا نرى سوى الأشياء الصغيرة : الرجل ، المرأة ، الشجر ، الجبل ، ذرات الغبار ، قطرت المطر ، ولكن كل هذه مجرد أشكال ظاهرية إن اخترقتها عميقا ستصبح أبوابا – أبوابا للأبدية التي تسمى " العظيم " انظر عميقا في هذه الأشياء أو في غيرها في النهاية سوف تجده .
الحفيظ : الله هو الذي يحفظ ، ونحن لازلنا نحيا في القلق مع أنه غير ضروري ، قلقنا عقيم لأنه لن يحدث إلا ما حدث ، فليس طريق لتجنبه، وليست طريقة لتفاديه ، ولاشيء آخر علينا فعله ...
الله هو الحافظ ، إن فهمنا ذلك فلن نقلق حول أمننا وأماننا ، وأي شيء سيحدث سيكون كما ينبغي أن يكون شيئا طيبا لأنه من الله . أحيانا يتساءل العقل " كيف يكون جيدا ؟ أنت تعاني كثيرا ، وتتألم كثيرا ، وتتعذب فكيف يكون جميلا ؟ كيف يكون طيبا ؟ " ولكن أحيانا تكون المعاناة ضرورية وطيبة في ذات الوقت لأن الناس تنضج من المعاناة ، أحيانا يصبح الألم نعمة لأنه يشكل تحديا لك والألم يعطي للإنسان التكامل والإنسجام الذي يحتاجه ، وأحيانا تتستحثك الشدة على الصلاة ، لذا ليست كل النعم نعم ، وليست كل المصائب مصائب ، ولكن بالنسبة للمؤمن فأمره كله خير ، فهو يستقبل المصيبة استقبال الشاكر وبنفس الشعور يتلقى النعم ، فهو لا يقول : " هذا ما ينبغي أن يحدث وذلك لا ينبغي " إنه يترك نفسه تماما ببساطة يصبح تقبليا وهذا الاستسلام والتقبل هو الذي سيحوله ، هذا التقبل هو اليقين ، ولذا ومنذ هذه اللحظة لا تقلق بشأن نفسك ، ومنذ الآن لا تحمل أثقالك على كتفك ، الرب سيتكفل لك بحملك وبشكل كامل ، هل يوجد عالم أكثر كمالا من ذلك ؟ !
وهذا ما أسميه الوعي الديني البريء والصافي وراء الأديان جميعها واليقين العظيم في الوجود الذي أراه بمثابة أم لنا جميعا ، وما نحن إلا جزءا منها ، ذريتها ، كيف تعادينا ؟ وعندما يصبح الوجود أما إذا فالحياة بركة ، حتى الموت أيضا بركة .