الباسل
17-05-2017, 22:12
بسم الله الرحمان الرحيم و صل الله على سيدنا محمد كاشف الغمة و منير الظلمة و على اله و صحبه و سلم،
أحد ألسائلين سأل صديق لى عن كيفية معرفة الحق فاجابه بالتالى:
ولكي نتعرف على الحق لابد من معرفة الدلائل والوسائل المؤدية إلى معرفته .. ثم نتعرف على كيفية الوصول إلى جناب الحق سبحانه وتعالى ..
الجزء الأول :
* سر قوله تعالى : (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت 53) .
هذه الآية ينطوي في معانيها وأسرارها قسم من علوم الرسالة ، بدليل قوله تعالى : (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا) (البقرة : آية 151) ، والآيات هي القسم الأول ، وقوله تعالى : (وَيُزَكِّيكُمْ) هو القسم الثاني ، (وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ) هو القسم الثالث ، (وَالْحِكْمَةَ) هي القسم الرابع ، (وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) هو القسم الخامس .
والآيات هي العلامات والإشارات التي وضعها الحق ليعرفه بها أولوا الألباب ، وهي المرائي النورانية التي يظهر فيها وجه رب البرية ، تظهر فيها قدرة القدير ، وحكمة الحكيم ، وصنعة الصانع الخبير ، ففي آفاق الفضاء يظهر وجه الحي في الهواء ، وفيه تظهر رحمته ، وتظهر في الرياح نعمته ، وفي آفاق السماء يظهر وجه الرافع ، وفي الشمس والقمر والكواكب يظهر وجه النافع ، وفي آفاق البحار والأنهار والآثار تظهر الأنوار والأسرار ، ويلوح وجه الحي الذي أوجد من الماء كل شيء حي ، وفي آفاق الأرض ووديانها يظهر وجه الخافض الذي خفضها ، ووجه الخلاق الذي خلقها ، وفي كل أفق من الآفاق يظهر فيه وجه المنعم الرزاق .
آيات جلية ، وتجليات إلهية ، وأنوار أسماء ربانية ، تتجلى وتظهر في كل أفق ومظهر ، وفي نفس الإنسان من الآيات والعجائب والأسرار والغرائب ما حير الباحثين ، وأدهش العارفين ، ففي دائرة السمع تشرق أنوار السميع ، وفي دائرة البصر تظهر آثار البصير ، وفي دائرة اللسان تظهر أسرار المتكلم المبين ، الذي خلق الإنسان علمه البيان ، وفى دائرة الخيال والوهم ، والفكر والفهم ، والعقل والروح والقلب ، والنفس والسر ، وجميع الجوارح البدنية ، واللطائف المعنوية ، كل دائرة من الدوائر تظهر فيها آيات من آيات العلى القادر ، وفي دائرة العلم يشرق نور العليم ، وفي دائرة الحكمة يشرق نور الحكيم ، وفي دائرة الرحمة يشرق نور الرحيم ، وفي كل دائرة في الإنسان ظاهرة يشرق فيها نور الظاهر ، وكل دائرة في الإنسان باطنة يلوح فيها نور وجه الباطن : (نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) (النور : آية 35) .
فالإنسان هو المثال الجامع لكل الآيات ، وهو الصورة التي تجلت فيها معاني الأسماء والصفات ، من عرف ما فيها عرف ربه ، ومن كوشف بأسرارها رأى الحق حيث ولى وجهه ، قال تعالى : (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) ، وقال تعالى : (وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ . وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) (الذاريات : آية 21،20) ، فالإنسان هو المرآة الكاملة التي تظهر فيها أسرار الحق شاملة ، وتظهر فيها كل الآيات الدائمة المجلوة ، والآيات المتلوة ، لأن الآيات أنواعها كثيرة لا تحصى ولا تحصر ، وألوانها عديدة لا تحد بلون أو مظهر ، منها :
آيات ثابتة دائمة كآيات الأرض والسماوات وما بينهما ، ومنها آيات من خوارق العادات كالمعجزات والكرامات ، قال تعالى : (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ) (الإسراء : آية 101) ، وهناك آيات متعلقة بالأسباب والاختراعات ، وآيات متعلقة بطبيعة الكون وحركات الأفلاك ، وكلها مكالمات إلهية ، ومخاطبات ربانية ، وإشارات قدسية ، يكلم الله بها العباد ، ويخاطب بها أولي الألباب ، قال تعالى : (إن فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (آل عمران : آية 190) ، من تدبر في أمرها ، وفكر في شأنها ، ونظر بعين العقل والروح إلى أسرارها ، رأى ظل الحق جهارا ، وشاهد وجهه نهارا ، مع النزاهة الإلهية ، وسمع خطاب الحق مع القداسة السرمدية ، لأن الله واحد لا شريك له ، وكل الموجودات ظله وأنواره ، وآياته وأسراره ، من فك رمزها ، وفتح كنزها ، صار كليما شاهدا حكيما ، يرى الحق في كل شيء ، ويسمعه في كل شيء ، وقبل كل شيء ، وبعد كل شيء ، بل لا يرى غير الله من شيء : (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (القصص : آية 88) ، وهو منزه عن كل شيء ، وجميع الأشياء شيء ولا شيء : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ) (الحديد : آية 3) .
وكل ما يراه الحس خيال في مرآة ، وظلال في ماء صاف : (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) (الرحمن : آية 26) ، وبعين الإيمان والإحسان والبيان ، ترى الروح وجه الرحيم الرحمن : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (النور : آية 35) : (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) ، فالله يريهم ويشهدهم بنور من نوره ، وعين من ضياء سر البصيرة ، وبها يرون الحق ظاهرا جليا ، ويشهدون وجهه علنيا ، إذا منّ عليهم بالرؤية من نور نزاهة قدرته ، ويسمعون كلامه ، إذا أعطاهم من فضله سمعا من سمعه ، وهو السميع ، وما كان عطاء الله محظورا ، وهو على كل شيء قدير .
ويدل على صحة كل ما نقول قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ، وهو بكل شيء محيط ، وهو مع كل شيء ، وعند كل شيء ، وفوق كل شيء ، وأقرب للشيء من نفس الشيء ، وهو موجود ولا شيء معه ، وكل الأشياء فانية في وجودها ، هالكة مع ظهورها ، كنور المصابيح حال تيار الكهرباء ، مضيئة مع الفناء ، وهو مشهد فوق عقل العقلاء ، وفهم العلماء ، وإدراك الحكماء ، ولا يصدق به إلا المؤمنون ، ولا يشهده إلا المحسنون .
نسأل الله تعالى أن يرزقنا إيمانا كاملا ، وإحسانا متواصلا ، ويقينا يوصلنا إلى أعلى درجات المقربين ، إنه على كل شيء شهيد .
أحد ألسائلين سأل صديق لى عن كيفية معرفة الحق فاجابه بالتالى:
ولكي نتعرف على الحق لابد من معرفة الدلائل والوسائل المؤدية إلى معرفته .. ثم نتعرف على كيفية الوصول إلى جناب الحق سبحانه وتعالى ..
الجزء الأول :
* سر قوله تعالى : (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت 53) .
هذه الآية ينطوي في معانيها وأسرارها قسم من علوم الرسالة ، بدليل قوله تعالى : (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا) (البقرة : آية 151) ، والآيات هي القسم الأول ، وقوله تعالى : (وَيُزَكِّيكُمْ) هو القسم الثاني ، (وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ) هو القسم الثالث ، (وَالْحِكْمَةَ) هي القسم الرابع ، (وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) هو القسم الخامس .
والآيات هي العلامات والإشارات التي وضعها الحق ليعرفه بها أولوا الألباب ، وهي المرائي النورانية التي يظهر فيها وجه رب البرية ، تظهر فيها قدرة القدير ، وحكمة الحكيم ، وصنعة الصانع الخبير ، ففي آفاق الفضاء يظهر وجه الحي في الهواء ، وفيه تظهر رحمته ، وتظهر في الرياح نعمته ، وفي آفاق السماء يظهر وجه الرافع ، وفي الشمس والقمر والكواكب يظهر وجه النافع ، وفي آفاق البحار والأنهار والآثار تظهر الأنوار والأسرار ، ويلوح وجه الحي الذي أوجد من الماء كل شيء حي ، وفي آفاق الأرض ووديانها يظهر وجه الخافض الذي خفضها ، ووجه الخلاق الذي خلقها ، وفي كل أفق من الآفاق يظهر فيه وجه المنعم الرزاق .
آيات جلية ، وتجليات إلهية ، وأنوار أسماء ربانية ، تتجلى وتظهر في كل أفق ومظهر ، وفي نفس الإنسان من الآيات والعجائب والأسرار والغرائب ما حير الباحثين ، وأدهش العارفين ، ففي دائرة السمع تشرق أنوار السميع ، وفي دائرة البصر تظهر آثار البصير ، وفي دائرة اللسان تظهر أسرار المتكلم المبين ، الذي خلق الإنسان علمه البيان ، وفى دائرة الخيال والوهم ، والفكر والفهم ، والعقل والروح والقلب ، والنفس والسر ، وجميع الجوارح البدنية ، واللطائف المعنوية ، كل دائرة من الدوائر تظهر فيها آيات من آيات العلى القادر ، وفي دائرة العلم يشرق نور العليم ، وفي دائرة الحكمة يشرق نور الحكيم ، وفي دائرة الرحمة يشرق نور الرحيم ، وفي كل دائرة في الإنسان ظاهرة يشرق فيها نور الظاهر ، وكل دائرة في الإنسان باطنة يلوح فيها نور وجه الباطن : (نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) (النور : آية 35) .
فالإنسان هو المثال الجامع لكل الآيات ، وهو الصورة التي تجلت فيها معاني الأسماء والصفات ، من عرف ما فيها عرف ربه ، ومن كوشف بأسرارها رأى الحق حيث ولى وجهه ، قال تعالى : (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) ، وقال تعالى : (وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ . وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) (الذاريات : آية 21،20) ، فالإنسان هو المرآة الكاملة التي تظهر فيها أسرار الحق شاملة ، وتظهر فيها كل الآيات الدائمة المجلوة ، والآيات المتلوة ، لأن الآيات أنواعها كثيرة لا تحصى ولا تحصر ، وألوانها عديدة لا تحد بلون أو مظهر ، منها :
آيات ثابتة دائمة كآيات الأرض والسماوات وما بينهما ، ومنها آيات من خوارق العادات كالمعجزات والكرامات ، قال تعالى : (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ) (الإسراء : آية 101) ، وهناك آيات متعلقة بالأسباب والاختراعات ، وآيات متعلقة بطبيعة الكون وحركات الأفلاك ، وكلها مكالمات إلهية ، ومخاطبات ربانية ، وإشارات قدسية ، يكلم الله بها العباد ، ويخاطب بها أولي الألباب ، قال تعالى : (إن فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (آل عمران : آية 190) ، من تدبر في أمرها ، وفكر في شأنها ، ونظر بعين العقل والروح إلى أسرارها ، رأى ظل الحق جهارا ، وشاهد وجهه نهارا ، مع النزاهة الإلهية ، وسمع خطاب الحق مع القداسة السرمدية ، لأن الله واحد لا شريك له ، وكل الموجودات ظله وأنواره ، وآياته وأسراره ، من فك رمزها ، وفتح كنزها ، صار كليما شاهدا حكيما ، يرى الحق في كل شيء ، ويسمعه في كل شيء ، وقبل كل شيء ، وبعد كل شيء ، بل لا يرى غير الله من شيء : (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (القصص : آية 88) ، وهو منزه عن كل شيء ، وجميع الأشياء شيء ولا شيء : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ) (الحديد : آية 3) .
وكل ما يراه الحس خيال في مرآة ، وظلال في ماء صاف : (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) (الرحمن : آية 26) ، وبعين الإيمان والإحسان والبيان ، ترى الروح وجه الرحيم الرحمن : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (النور : آية 35) : (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) ، فالله يريهم ويشهدهم بنور من نوره ، وعين من ضياء سر البصيرة ، وبها يرون الحق ظاهرا جليا ، ويشهدون وجهه علنيا ، إذا منّ عليهم بالرؤية من نور نزاهة قدرته ، ويسمعون كلامه ، إذا أعطاهم من فضله سمعا من سمعه ، وهو السميع ، وما كان عطاء الله محظورا ، وهو على كل شيء قدير .
ويدل على صحة كل ما نقول قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) ، وهو بكل شيء محيط ، وهو مع كل شيء ، وعند كل شيء ، وفوق كل شيء ، وأقرب للشيء من نفس الشيء ، وهو موجود ولا شيء معه ، وكل الأشياء فانية في وجودها ، هالكة مع ظهورها ، كنور المصابيح حال تيار الكهرباء ، مضيئة مع الفناء ، وهو مشهد فوق عقل العقلاء ، وفهم العلماء ، وإدراك الحكماء ، ولا يصدق به إلا المؤمنون ، ولا يشهده إلا المحسنون .
نسأل الله تعالى أن يرزقنا إيمانا كاملا ، وإحسانا متواصلا ، ويقينا يوصلنا إلى أعلى درجات المقربين ، إنه على كل شيء شهيد .